صفحة جزء
الوجه الموفي عشرين: أنكم تقولون: إن العالي لا يفعل لأجل السافل، وإن حركة الفلك الإرادية لا يجوز أن تكون لأجل السفليات، لكن لزم حصول ما حصل عن حركته الإرادية بالقصد الثاني. وإنما مقصوده بحركته الإرادية التشبه بمحبوبه الأعلى. وإذا كان الأمر كذلك، فلم لا يجوز أن يكون الأول هو المريد والمراد، والمحبوب والمحب؟ وهو لا يريد شيئا لأجل شيء سواه، ولكن محبته لنفسه وإرادته لها، استلزم وجود المفعولات، كما قلتموه فيما صدر عن الأفلاك.

وإذا قيل: هو فاعل باختياره وإرادته، فعلا يستلزم وجود المعلولات، كان كما قلتم مثل ذلك في حركة الفلك، فهذا القول جاز على [ ص: 311 ] أصولكم، وهو أحق بالجواز إن كانت أصولكم صحيحة -مما قلتموه فيه من وصفه بغاية النقص، فإذا وصفتموه بهذا كنتم قد وصفتموه بصفات الكمال، مع رعاية أصولكم التي اعتقدتم صحتها، ولم يكن في هذا محذور، إلا كان في نفيه من المحذور ما هو أعظم منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية