صفحة جزء
الوجه الحادي عشر: قوله: ويكون له حال لا يلزم عن ذاته بل عن غيره، فيكون لغيره فيه تأثير الأمور السالفة تبطل هذا.

فيقال: ذلك الحال إذا قدر تجدده بعد الحادث، فإنه لا يلزم عن نفسه، فإن العلم أو غيره مما يقوم بنفسه إنما هو لازم عن ذاته لا عن غيره. لكن لزومه عن نفسه قد يقال: إنه يكون عند إحداثه لتلك المحدثات، على قول من يقول بذلك.

وأي محذور في هذا؟ فإن هذا لا ينافي وجوب وجوده بنفسه.

هذا لو كان ذلك الغير مخلوقا لغيره، فكيف وهو مخلوق له؟ فكلاهما لازم عنه ما قام به وما انفصل عنه، وليس لغيره فيه تأثير؛ إذ كانت نفسه هي الموجبة للجميع.

ولا ريب أن العباد يدعون الله فيجيبهم، ويطيعونه فيرضى عنهم، ويعصونه فيغضب عليهم، ويفرح بتوبة التائب، كما دلت على ذلك النصوص. [ ص: 27 ]

وهو سبحانه الخالق لكل ما سواه، فليس في الوجود ما يؤثر فيه سبحانه. وهذا على مذهب أهل السنة المثبتين للقدر، القائلين بأنه خالق كل شيء.

وأما على قول القدرية، الذين يقولون بحدوث حوادث بدون خلقه وإرادته، فإنهم، وإن كانوا ضالين، فهؤلاء الفلاسفة النفاة لعلمه أضل منهم.

وهم على قولين: منهم من يقول بتجدد أحوال له، ومنهم من ينفي ذلك. فمن أثبت ذلك قال لهؤلاء -كما قال لهم أبو البركات - فما الدليل على أنه لا يحصل به حال من الأحوال بسبب هؤلاء؟ ولم قلتم: إن ذلك ينافي وجوب وجوده؟

وهؤلاء يقولون: أفعال العباد توجب له داعيا إلى الثواب والعقاب.

التالي السابق


الخدمات العلمية