صفحة جزء
وبالجملة فما لم يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه فهو كلي، سواء كان احتمال الشركة لدخوله أشخاصا أو أزمنة أو أمكنة أو لغات أو غير [ ص: 166 ] ذلك من الأمور، وهذا مما يبين أنه من لم يقل إن الرب يعلم الجزئيات، فإنه يلزمه أن لا يعلم شيئا من الموجودات، فإنه ما من موجود إلا وهو متميز عن غيره بحيث يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه.

ولهذا لم يمنع ابن سينا كونه يعلم الجزيئات الثابتة الدائمة على أصله، كالسماوات والنجوم، وإنما منع علمه بالمتغيرات، فرارا من قيام الحوادث به، مع أن أساطين من أساطين الفلاسفة، ومن وافقهم من المتأخرين، يقولون: إنه تقوم به الحوادث، ولا حجة له على نفي ذلك أصلا، إلا ما ينفي به قيام الصفات، وإثباته للعلم يستلزم إثبات الصفات كما تقدم بيانه، فعلم أن إثباته للعلم بالكليات دون الجزئيات في غاية التناقض.

التالي السابق


الخدمات العلمية