صفحة جزء
والمنازع لهم من المعتزلة والفلاسفة يقر بما يوجب موافقتهم، فإنهم يقرون بأن كونه عالما ليس هو كونه قادرا. وهذا معنى العلم والقدرة عند أولئك، كما قد بسط في موضعه.

فالنفاة للصفات، من المعتزلة وغيرهم، يقولون: إنه عالم وإنه قادر. ومنهم من يثبت العالمية والقادرية، ويسمي ذلك حالا. وهذا يستلزم عند التحقيق قول مثبتة الصفات.

وكذلك الفلاسفة قولهم يستلزم قول مثبتة الصفات، وإن نفوها تناقضوا. وأما إطلاق المطلق لفظ الزيادة على الذات، فقد تقدم أن هذا الإطلاق كإطلاق المطلق: أن الصفات لا هي الذات ولا هي غيرها. وهذا يطلقه هؤلاء وغيرهم. [ ص: 235 ]

وأئمة السلف، وابن كلاب، وأمثاله من أئمة الأشعرية، لا يطلقون لا هذا ولا هذا. وكانوا إذا قالوا للسلف: القرآن هو الله أو غير الله؟ لم يطلق الأئمة لا هذا ولا هذا، لما في إطلاق كل منهما من إبهام معنى فاسد، وليس ذلك إثباتا لقسم ثالث، ليس هو الموصوف ولا غيره، بل يفصل اللفظ المجمل، كما فعل السلف نظير ذلك في لفظ الحيز وأمثاله.

وأما قولهم: يلزم الأشعرية على هذا أن يكون الخالق جسما؛ لأنه يكون هناك صفة وموصوف، وحامل ومحمول.

فيقال له: وهكذا يلزم من قال: إنها عالم قادر.

ومن قال: إنه يعلم ويقدر. فمن أثبت لله الأسماء الحسنى وأحكامها، لزمه ما يلزم من أثبت الصفات. فالاسم المشتق يدل على المصدر وعلى الفعل، وخبر المخبر بذلك وحكمه يقتضي ثبوت ذلك في نفس الأمر.

ويقال له: كل ما تلزم به الأشعرية وأمثالهم في إثبات الصفات، يلزمونك إياه في كل ما نفيته.

التالي السابق


الخدمات العلمية