صفحة جزء
وإذا قالوا: هو موجب بنفسه للفلك وأجزاء العالم الأصلية، وليس موجبا بنفسه للحوادث المتجددة، بل إيجابه لها مشروط بما يكون قبلها من الحوادث.

قيل: هذه حقيقة قولكم وحينئذ فلا يكون نفسه موجبا لشيء من الحوادث، لا الأول ولا الثاني، لا بوسط ولا بغير وسط، وهو المطلوب، فالقول بالموجب بالذات وحدوث المحدثات عنه بوسط وبغير وسط جمع بين النقيضين.

ثم هذا القول يبطل قولكم بكونه موجبا للعالم بذاته، لأنهم يقولون: إن العالم لا قيام له بدون الحركة، وإنها صورته التي لولا هي لبطل، فإذا كان إيجابه للعالم بدون الحركة ممتنعا وإيجابه للحركة في الأزل ممتنعا: لم يكن موجبا لا للعالم ولا للحركة، فإن المبدع المشروط بشرط يمتنع إبداعه بدون إبداع شرطه، وإبداع شرطه ممتنع على أصلهم، فإذن إبداعه ممتنع، وهذا لأنهم جعلوا الباري ليس له فعل [ ص: 397 ] يقوم بذاته أصلا، ولا يتجدد منه شيء، ولا فيه شيء أصلا، وعندهم أن ما كان كذلك لا يحدث عنه شيء أصلا.

التالي السابق


الخدمات العلمية