صفحة جزء
وأما المقدمة الثانية - "وهي أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث" - فهذه قد نازع فيها طوائف من أهل الكلام والفلسفة والفقه والحديث والتصوف وغيرهم، وقالوا: التسلسل الممتنع هو التسلسل في العلل، فأما التسلسل في الآثار المتعاقبة والشروط المتعاقبة فلا دليل على بطلانه، بل لا يمكن حدوث شيء من الحوادث، لا العالم ولا شيء من أجزاء العالم، إلا بناء على هذا الأصل، فمن لم يجوز ذلك لزمه حدوث الحوادث بلا سبب حادث ؛ وذلك يستلزم ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، كما قد بسط هذا في مسألة حدوث العالم، وبين أنه لا بد من تسلسل الحوادث أو الترجيح بلا مرجح، وأن القائلين بالحدوث بلا سبب حادث يلزمهم الترجيح بلا مرجح، وأن القائلين بقدم العالم يلزمهم الترجيح بلا مرجح ويلزمهم حدوث الحوادث بلا محدث أصلا، وهذا أفسد من حدوثها بلا سبب حادث.

[ ص: 181 ] والطوائف أيضا متنازعة في هذا الأصل، وجمهور الفلاسفة وجمهور أهل الحديث لا يمنعون ذلك. وأما أهل الكلام: فللمعتزلة فيه قولان، وللأشعرية فيه قولان.

التالي السابق


الخدمات العلمية