صفحة جزء
قال الرازي: أما كون المؤثر موجودا فإنه لا فرق بين نفي المؤثر وبين مؤثر منفي، والحكم بالاكتفاء بالمؤثر المنفي حكم بعدم الاحتياج إلى المؤثر.

قال: والعلم بذلك ضروري، ولا يتصور في هذا المقام الاستدلال بالكلام المشهور من أن المعدوم لا تميز فيه، فلا يمكن استناد الأثر إليه، لأنه يتوجه عليه شكوك معروفة.

قال: والجواب عنها وإن كان ممكنا، إلا أن العلم بفساد استناد الأثر الموجود إلى المؤثر المعدوم أظهر كثيرا من العلم بذلك، والدليل [ ص: 107 ] والأجوبة عن الأسولة التي تورد عليه، وإيضاح الواضح لا يزيده إلا خفاء.

قال: وقول القائل: هب أن المؤثر ليس بمعدوم، فلم يجب أن يكون موجودا؟ قلنا: لا واسطة بين الوجود والعدم، وقول القائل: الماهية تقتضي الإمكان لا بشرط الوجود ولا العدم فهو متوسط بين الوجود والعدم. قلنا: نحن لا ندعي أن كل حقيقة فهي إما الوجود وإما العدم، حتى يلزم من كون الماهية مغايرة لهما فساد ذلك الحصر ... بل ندعي أن العقل يحكم على كل حقيقة من الحقائق التي لا نهاية لها أنها لا تخلو عن وصفي الوجود والعدم، وإذا كان كذلك فكون الماهية مغايرة للوجود والعدم لا يقدح في قولنا: إنه لا واسطة بين الوجود والعدم. [ ص: 108 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية