صفحة جزء
والآمدي جعل العمدة في نفي تناهي العلل والمعلولات على أنه قال: "والأقرب في ذلك أن يقال: لو كانت العلل والمعلولات غير متناهية، وكل واحد منها ممكن على ما وقع به الغرض فهي إما متعاقبة [ ص: 191 ] وإما معا، فإن قيل بالأول فقد أبطل بثلاثة أوجه" ثم زيفها وقال: "والأقرب في ذلك أن يقال: لو كانت العلل والمعلولات متعاقبة فكل واحد منها حادث لا محالة، وعند ذلك فلا يخلو ما أن يقال بوجود شيء منها في الأزل، أو لا وجود لشيء منها في الأزل، فإن كان الأول فهو ممتنع، لأن الأزلي لا يكون مسبوقا بالعدم، والحادث مسبوق بالعدم، وإن كان الثاني فجملة العلل والمعلولات مسبوقة بالعدم ... ويلزم من ذلك أن يكون لها ابتداء ونهاية، وما له ابتداء ونهاية فهو متوقف على سبق غيره عليه، وأما إن كانت العلل والمعلولات المفروضة موجودة معا".

ثم ساق الدليل كما حكيناه عنه، وهذه التقاسيم والتطويل لا يحتاج إليها، وهي باطلة في نفسها، فزاد في الدليل ما يستغنى عنه، ويكون توقف الدليل عليه مبطلا له، إذا لم يبطل إلا بما ذكره.

وهذا كثيرا ما يقع في كلام أهل الكلام المذموم، يطولون في الحدود [ ص: 192 ] والأدلة بما لا يحتاج التعريف والبيان إليه، ثم يكون ما طولوا به مانعا من التعريف والبيان، فيكونون مثل من يريد الحج من الشام فيذهب إلى الهند ليحج من هناك فينقطع عليه الطريق فلم يصل إلى مكة.

التالي السابق


الخدمات العلمية