صفحة جزء
الوجه الخامس: أن هذه الطرق الثلاثة - طريق حدوث الأجسام ـ مبنية على امتناع دوام كون الرب فاعلا، وامتناع كونه لم يزل متكلما بمشيئته، بل حقيقتها مبنية على امتناع كونه لم يزل قادرا على هذا وهذا، ومعلوم أن أكثر العقلاء من المسلمين وغير المسلمين ينازعون في هذا، ويقولون: هذا قول باطل.

وأما القول بإمكان الأجسام فهو مبني على أن الموصوف ممكن، بناء على أن المركب ممكن، وعلى نفي الصفات، وهي طريقة أحدثها ابن سينا وأمثاله، [ ص: 99 ] وركبها من مذهب سلفهم ومذهب الجهمية، وهي أضعف من التي قبلها من وجوه كثيرة.

وطريقة إمكان صفات الأجسام مبنية على تماثل الأجسام، وأكثر العقلاء يخالفون في ذلك، وفضلاؤهم معترفون بفساد ذلك، كما قد ذكرنا قول الأشعري والرازي والآمدي وغيرهم، واعترافهم بفساد ذلك، وبينا فساد ذلك بصريح المعقول.

فإذا كانت هذه الطرق فاسدة عند جمهور العقلاء، بل فاسدة في نفس الأمر، امتنع أن يكون العلم بالصانع موقوفا على طريق فاسدة، ولو قدر صحتها علم أن أكثر العقلاء عرفوا الله وصدقوا رسوله بغير هذه الطريق، فلم يبق العلم بالسمع موقوفا على صحتها، فلا يكون القدح فيها قدحا في أصل السمع.

التالي السابق


الخدمات العلمية