صفحة جزء
وضلالهم من وجوه.

منها: ظنهم أن الكمال في مجرد العلم.

والثاني: ظنهم أن ما حصل لهم علم.

والثالث: ظنهم أن ذلك العلم هو الذي يكمل النفس.

وكل من هذه المقدمات كاذبة، فليس كمال النفس في مجرد العلم، ولا في أن تصير عالما معقولا موازيا للعالم الموجود، بل لا بد لها من العمل، وهو حب الله وعبادته، فإن النفس لها قوتان: علمية وعملية، فلا تصلح إلا بصلاح الأمرين، وهو أن تعرف الله وتعبده.

والجهمية هم خير من هؤلاء بكثير، ومع هذا فلما قال جهم ومن وافقه: إن الإيمان مجرد المعرفة، أنكر ذلك أئمة الإسلام، حتى كفر من قال بهذا القول وكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل وغيرهما. [ ص: 275 ]

وهذا القول -وإن كان قد تابعه عليه الصالحي والأشعري في كثير من كتبه وأكثر أصحابه- فهو من أفسد الأقوال وأبعدها عن الصحة، كما قد بيناه في غير هذا الموضع، لما بينا الكلام في مسمى الإيمان وقبوله للزيادة والنقصان، وما للناس في ذلك من النزاع.

التالي السابق


الخدمات العلمية