صفحة جزء
[ ص: 359 ] والإنسان يقدر في نفسه أشياء كثيرة يجوزها ولا يعلم أنها ممتنعة، ومع هذا فهي ممتنعة في الخارج لأمور أخر.

فإن قال: أريد به الإمكان الذهني، لم ينفعه ذلك، لأن غايته عدم العلم بامتناع كون تلك الصفة واجبة له.

وإن قال: أريد إمكان الخارجي، وهو أني أعلم أن كل موصوف بصفة، أو كل ذي قدر يمكن أن يكون بخلاف ذلك، كان مجازفا في هذا الكلام، لأن هذه قضية كلية تتناول من الأفراد ما لا يحصيه إلا الله تعالى، وليس معه دليل يدل على إمكان ذلك في الخارج يتناول جميع هذه الأفراد. غايته أنه رأى بعض الموصوفات والمقدرات يقبل خلاف ما هو عليه، فإذا قاس الغائب على الشاهد كان هذا من أفسد القياس لاختلاف الحقائق، ولأن هذا ينعكس عليه.

فيقال له: لم نر إلا ما له صفة وقدر، فيقاس الغائب على الشاهد.

ويقال: كل قائم بنفسه فله صفة وقدر، وهذا إلى المعقول أقرب من قياسهم، فإن هذا لا يعلم انتقاضه.

التالي السابق


الخدمات العلمية