صفحة جزء
وكذلك إذا قيل : هذا حيوان وهذا حيوان ، وهذا إنسان وهذا إنسان ، وهذا أسود وهذا أسود ، وأمثال ذلك فليس شيء من [ ص: 260 ] الموجودات في الخارج مركبا من نفس ما به الاشتراك وما به الامتياز ، بل هو مختص بوصف ، وذلك الوصف يشابه غيره ، لكن هو مشتمل على صفات ، بعضها أعم من بعض ، أي بعضها يوجد نظيره في غيره أكثر مما يوجد نظير الآخر ، وأما هو نفسه فلا يوجد في غيره .

وأما الجواب الثاني : فلا ريب أن كلا منهما فيه وجوب ، وفيه معنى آخر غير الوجوب ، بل نفس الواجب الواحد فيه الوجوب وفيه ذاته ، وهذا هو النقض الذي عارضهم به الآمدي .

لكن قول القائل : وجوب الوجود حينئذ يكون ممكنا لافتقاره في تحققه إلى غيره ، فالموصوف به أولى أن يكون ممكنا ، كلام مجمل .

فإنه يقال : ما تعني بكون الوجوب مفتقرا إلى غيره : أتعني به أنه مفتقر إلى مؤثر أم مستلزم لغيره ؟

فإن عنيت الأول فهو باطل ، فإنه لا يحتاج الوجوب -سواء فرض مختصا أو مشتركا- إلى فاعل ، ولكن لا بد له من محل يتصف به ، فإن الوجوب لا يكون إلا لواجب ، وافتقار الوجوب إلى محله الموصوف به لا يمنع المحل أن يكون واجبا ، بل ذلك يستلزم كونه واجبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية