صفحة جزء
وكل من كان عارفا بسنته وسيرته علم أن ما يروى خلاف هذا فهو مختلق كذب، مثل ما يذكره بعض الرافضة عن علي انه كان عنده علم خاص باطن يخالف هذا الظاهر. [ ص: 26 ]

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة التي لا يتنازع أهل المعرفة في صحتها عن علي رضي الله عنه أنه لما قيل له: هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كتمه عن غيرنا، إلا فهما يؤتيه الله لعبد في كتابه، وما في هذه الصحيفة، وفيها عقول الديات، وفكاك الأسير: أن لا يقتل مسلم بكافر، وفي لفظ في الصحيح: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة. الحديث.

وقد أجمع أهل المعرفة بالمنقول على أن ما يروى عن علي وعن جعفر الصادق من هذه الأمور التي يدعيها الباطنية كذب مختلق، ولهذا كانت ملاحدة الشيعة والصوفية ينسبون إلحادهم إلى علي، وهو بريء من ذلك، فأهل البطاقة من أهل الإلحاد ينسبون ذلك إلى علي، وكذلك باطنية الشيعة من الإسماعلية والنصيرية، وكذلك جعفر الصادق نسبوا إليه من الكلام في النجوم واختلاج الأعضاء والتفاسير المحرفة وأنواع الباطل ما برأه الله منه، حتى "رسائل إخوان الصفا" زعم بعض رؤوسهم أنها كلامه، وهذه إنما صنفت بعد المائة الثالثة لما بنيت [ ص: 27 ] القاهرة، وصنفها جماعة من الفلاسفة، وقد ذكروا فيها من حوادث الإسلام التي حدثت بعد المائة الثالثة: مثل دخول النصارى بلاد الإسلام ونحو ذلك، ما يبين أنها صنفت بعد جعفر بنحو مائتي سنة.

ومن هذا الباب ما ينقله آخرون عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان، وكنت كالزنجي بينهما، فهذا وأمثاله من الكذب المختلق باتفاق أهل المعرفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية