صفحة جزء
كلام مبني على أصول فاسدة.

أحدها: كون الموجود الثابت في الخارج صفة لماهية ثابتة في الخارج، وهذا غلط، بل نفس ما في الخارج هو الموجود الذي هو ماهيته، والوجود إن عنى به المصدر، فذاك قائم بالواحد، وإن عني به الموجود فهو الموجود، فليس في الموجود وجود يزيد على حقيقته الموجودة.

والثاني: قوله: "إن الماهية أو صفتها تكون سببا لصفة أخرى، مثل الفصل للخاصة".

فإن عنى بالماهية ما في النفس فليس هناك مسبب ولا سبب، بل الذهن هو الذي يصور الجميع، وإن عنى بها ما في الخارج فالفاعل المعين مبدع لصفاتها اللازمة، وصفاتها العارضة قد تكون موقوفة على شرط آخر، وليست إحدى الصفتين اللازمتين سببا لها، وإن كان قد يكون شرطا.

الثالث: أن لفظ "السبب" إن عنى به الفاعل، فالصفة لا تفعل الصفة، ولا الماهية تفعل صفاتها اللازمة، لا سيما عندهم، حيث يقولون: الواحد لا يكون فاعلا وقابلا، وإن عنى به ما يقف المسبب [ ص: 104 ] عليه ولو كان شرطا، فالمحل حينئذ سبب، وهم يزعمون أن الماهية قابلة لوجودها، فتكون سببا لوجودها، فتناقض قولهم.

وأما عند التحقيق فيجوز أن تكون الماهية، أو شيء من صفاتها، شرطا في صفة أخرى، ولو كنا ممن يقول: إن في الخارج [ماهية مغايرة لوجوده لجوزنا أن تكون الماهية شرطا لوجودها، لأن الشرط لا يجب أن يتقدم المشروط، بخلاف العلة، فإنها تتقدم المعلول، ولكن لما لم يكن في الخارج إلا الوجود الذي هو ماهية نفسه، امتنع أن تكون هناك ماهية، تكون شرطا لوجود نفسها، أو لا تكون شرطا لوجود نفسها.

التالي السابق


الخدمات العلمية