صفحة جزء
وأما أرسطو وأصحابه كالفارابي وابن سينا، فأبطلوا قول سلفهم في إثباتها مجردة عن الأعيان، ولكن أثبتوها مقارنة للأعيان، فجعلوا مع الأجسام المحسوسة جواهر معقولة كالمادة والصورة، وإذا حقق الأمر عليهم، لم يوجد في الخارج إلا الجسم وأعراضه، وأثبتوا في الخارج أيضا الكليات مقارنة للأعيان، وإذا حقق الأمر عليهم لم يوجد في الخارج إلا الأعيان بصفاتها القائمة بها.

وكذلك ما أثبتوه من العقول العشرة المفارقات، إذا حقق الأمر عليهم لم يوجد لها وجود إلا في العقل لا في الخارج، كما قد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع.

فهذا الذي ذكره الإمام أحمد من احتجاج جهم على السمنية الطبيعية بإثبات موجود عقلي، هو كحجة المشائين على الطبيعية، وما في [ ص: 175 ] قوله من الحلول الذي ضاهى به النصارى، من جنس كلام الحلولية.

والمقصود هنا أن نشير إلى جنس كلام السلف والأئمة، مع جنس هؤلاء النفاة، وأن الجميع يشربون من عين واحدة، وأن كلام هؤلاء النفاة للصفات مع معطلة الصانع كلام قاصر، من جنس كلام جهم مع السمنية المشركين، وكلام المشائين الإلهيين من المتفلسفة مع الطبيعيين منهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية