صفحة جزء
والمقصود أن كل من عارض كتاب الله بمعقوله أو وجده، أو ذوقه، [ ص: 267 ] وناظر على ذلك، فقد جادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ليضل عن سبيل الله، فإن كتاب الله هو سبيل الله.

ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الصراط المستقيم بكتاب الله، وفسره بالإسلام، كلاهما مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي حديث النواس بن سمعان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: « ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، وفي السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداع من فوق الصراط، وداع على رأس الصراط. فالصراط المستقيم هو الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم، فإذا أراد العبد أن يفتح بابا من تلك الأبواب دعاه الداعي: يا عبد الله لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه» رواه الإمام أحمد، والترمذي وصححه.

ومن المعلوم أن من أعظم المحارم معارضة كتاب الله بما يناقضه ويقدم ذلك عليه.

وفي حديث علي رضي الله عنه الذي رواه الترمذي، وأبو نعيم من عدة [ ص: 268 ] طرق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنها ستكون فتن. قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ فقال: كتاب الله: فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تختلف به الآراء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا تشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» .

وبسط الكلام على مثل هذا يطول جدا، وإنما نبهنا هنا على أصله.

التالي السابق


الخدمات العلمية