صفحة جزء
الوجه الثلاثون

أن هذا الذي ذكرناه يفيد أن الشرع لا يمكن أن يخالفه العقل الدال على صحته، بل هما متلازمان في الصحة، وهذا القدر لا يمكن مؤمن بالله ورسوله أن ينازع فيه، بل لا ينازع مؤمن بالله ورسوله أن العقل لا يناقض في نفس الأمر، لكن الذي تقوله الجهمية والقدرية وغيرهم من أهل البدع أن تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم مبني على الأدلة النافية للصفات والقدر، كما يقولونه من أن صدق الرسول موقوف على قيام المعجزة الدالة على صدقه، وقيام المعجزة موقوف على أن الله لا يؤيد الكذاب بالمعجزة، وذلك موقوف على أن فعل الله قبيح، والله لا يفعل القبيح، وتنزيهه من فعل القبيح موقوف على أنه غني عنه عالم بقبحه، والغني عن القبيح العالم بقبحه لا يفعله، [ ص: 287 ] وغناه عنه موقوف على أنه ليس بجسم، وكونه ليس بجسم موقوف على نفي صفاته وأفعاله، لأن الموصوف بالصفات والأفعال جسم، ونفي ذلك موقوف على ما دل عليه حدوث الجسم، فلو بطل الدال على حدوث الجسم بطل ما دل على صدق الرسول.

التالي السابق


الخدمات العلمية