بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 90 ] الوجه السابع: أنه قال: «فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه».

وفي الحديث الآخر: «حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها»، وفي رواية: «إنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة.

وفي رواية: أتاهم الله رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها، فيقال: ماذا تنتظرون؟ فيقولون: فارقنا الناس أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: لا نشرك بالله شيئا، مرتين أو ثلاثا، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساقه فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه [ ص: 91 ] إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا».

وهذا صريح بأن الذي أتاهم وقال: «أنا ربكم». هو الذي أراهم العلامة حتى عرفوه، فسجدوا له بعد ذلك وعرفوا أنه رب العالمين، ولو كان القائل: «أنا ربكم» ملكا لكان الملك هو الذي اعترفوا آخرا أنه رب العالمين، وهو الذي سجدوا له. وهذا من أعظم الكفر والضلال.

التالي السابق


الخدمات العلمية