بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
ثم ذكر حديث يوسف بن عطية الصفار، عن قتادة، عن [ ص: 355 ] أنس، وهو وهم، فإن يوسف ضعيف، والثقات عن قتادة ذكروه عن أبي قلابة.

ثم ذكر حديث أبي هريرة الذي رواه الخلال، فقال: حدثنا محمد بن غيلان، حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي في منامي في أحسن [ ص: 356 ] صورة» ثم ذكر مثله.

وأما حديث أم الطفيل فإنكار أحمد له لكونه لم يعرف بعض رواته، لا يمنع أن يكون عرفه بعد ذلك، ومع هذا فأمره بتحديثه به لكون معناه موافقا لسائر الأحاديث كحديث معاذ وابن عباس وغيرهما، وهذا معنى قول الخلال: إنما يروى هذا الحديث وإن كان في إسناده شيء تصحيحا لغيره؛ ولأن الجهمية تنكر ألفاظه التي قد رويت في غيره ثابتة، فروي ليبين أن الذي أنكروه تظاهرت به الأخبار، واستفاضت، وكذلك قول أبي بكر عبد العزيز فيه وهاء، ونحن قائلون به، أي: لأجل ما ثبت من موافقته لغيره الذي هو ثابت، لا أنه يقال بالواهي من غير حجة، فإن ضعف إسناد الحديث لا يمنع أن يكون متنه ومعناه حقا، ولا يمنع أيضا أن يكون له من الشواهد والمتابعات ما يبين صحته، ومعنى الضعيف عندهم أنا لم نعلم أن راويه عدل، أو لم نعلم أنه ضابط، فعدم علمنا بأحد [ ص: 357 ] هذين يمنع الحكم بصحته لا يعنون بضعفه أنا نعلم أنه باطل، فإن هذا هو الموضوع، وهو الذي يعلمون أنه كذب مختلق، فإذا كان الضعيف في اصطلاحهم عائدا إلى عدم العلم فإنه يطلب له اليقين والتثبيت، فإذا جاء من الشواهد بالأخبار الأخرى وغيرها ما يوافقه صار ذلك موجبا للعلم بأن راويه صدق فيه، وحفظه، والله تعالى أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية