بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
فصل: اختلف العلماء هل التفسير والتأويل بمعنى أم يختلفان، فذهب قوم يميلون إلى العربية أنهما بمعنى، -قال- [ ص: 265 ] وهذا قول جمهور المفسرين من المتقدمين.

وذهب قوم يميلون إلى الفقه إلى اختلافهما، فقالوا: التفسير: إخراج الشيء من مقام الخفاء إلى مقام التجلي.

والتأويل: نقل الكلام عن وضعه إلى ما لا يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، فهو مأخوذ من قولك: آل الشيء إلى كذا، أي صار إليه.

ثم قال: في آية آل عمران: قال: وفي التأويل وجهان.

أحدهما: أنه التفسير. والثاني: أنه العاقبة المنتظرة والراسخ الثابت، فهل يعلم الراسخون تأويله أم لا؟ فيه قولان.

أحدهما: أنهم لا يعلمونه، وأنهم آمنوا به، وقد روى طاوس، عن ابن عباس أنه قرأ: (ويقول الراسخون في العلم آمنا به) وإلى [ ص: 266 ] هذا المعنى ذهب ابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عباس، وعروة بن الزبير، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، [ ص: 267 ] والفراء، وأبو عبيد، وثعلب، وابن الأنباري، والجمهور.

قال ابن الأنباري في قراءة عبد الله: (إن تأويله إلا عند الله) وفي قراءة أبي وابن عباس (ويقول الراسخون).

قال: وقد أنزل الله في كتابه أشياء استأثر بعلمها، كقوله تعالى: قل إنما علمها عند ربي [الأعراف: 187]. وقوله تعالى: [ ص: 268 ] وقرونا بين ذلك كثيرا [الفرقان: 38]. فنزل الله المجمل ليؤمن به المؤمن فيسعد به، ويكفر به الكافر فيشقى.

قال: الثاني: أنهم يعلمون، فهم داخلون في الاستثناء، وقد روى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنا ممن يعلم تأويله.

وهذا قول مجاهد والربيع، واختاره ابن قتيبة، وأبو سليمان الدمشقي. [ ص: 269 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية