بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قلت: وفي إظهاره من جهة المشرق، ما لم يرد به الكتاب والسنة، بل يخالف ذلك مطلقا، من اجتناب ذلك [ ص: 17 ] واتقائه، حيث قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم إخباره بأن الفتنة ورأس الكفر من المشرق، الذي هو مشرق مدينته كنجد وما يشرق عنها، كما في الصحيحين عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: «ألا إن الفتنة من ههنا -يشير إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان» وفي رواية «قال -وهو مستقبل [ ص: 18 ] المشرق-: إن الفتنة ههنا ثلاثا» وذكر في رواية لمسلم: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة، قال: «رأس الكفر من ههنا ومن [ ص: 19 ] حيث يطلع قرن الشيطان» وأخرجاه من حديث نافع عن ابن عمر، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: «ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان» ورواه البخاري من [ ص: 20 ] حديث عبد الله بن عون، عن نافع، عن ابن عمر، ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا. قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا. قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا. فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن، ومنها يطلع قرن الشيطان». وفي الصحيحين من حديث الأعمش، عن أبي صالح، ذكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم أهل اليمن، [ ص: 21 ] هم ألين قلوبا، وأرق أفئدة، والإيمان يماني، والحكمة يمانية، ورأس الكفر قبل المشرق» وفي رواية: «والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم».

ورواه البخاري من حديث أبي الغيث، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان يماني، والفتنة ههنا، ههنا حيث يطلع قرن الشيطان». [ ص: 22 ] ورواه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان يمان، والكفر قبل المشرق، والسكينة في أهل الغنم، والفخر والرياء في الفدادين; أهل الخيل والوبر». ورواه [ ص: 23 ] مسلم أيضا من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاء أهل اليمن، أرق أفئدة، وأضعف قلوبا، الإيمان يمان، الحكمة يمانية، السكينة في أهل الغنم، والفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر، قبل مطلع الشمس». ولا ريب أنه من هؤلاء ظهرت الردة وغيرها من الكفر، من جهة «مسيلمة الكذاب» وأتباعه، و«طليحة الأسدي» [ ص: 24 ] وأتباعه، و«سجاح» وأتباعها، حتى قاتلهم «أبو بكر الصديق» ومن معه من المؤمنين، حتى قتل من قتل، وعاد إلى الإسلام من عاد مؤمنا أو منافقا. [ ص: 25 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية