صفحة جزء
فصل

أصل الإيمان والهدى ودين الحق هو الإيمان بالله ورسوله [ ص: 200 ] فصل

أصل الإيمان والهدى ودين الحق وما يدخل في ذلك من العلم النافع والعمل الصالح هو الإيمان بالله ورسوله ، وهو أول ما أوجبه الله على عباده وأمرهم به ، وقد قررت ذلك فيما تقدم من القواعد ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها » . وكما قال لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن : «إنك تأتي قوما أهل كتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله » .

وكما تواتر بالنقل العام ، وعلم بالاضطرار من دين الرسول ، واتفقت عليه الأمة أن أصل الإسلام وأول ما يؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله ، فبذلك يصير الكافر مسلما ، والعدو وليا ، والمباح دمه وماله معصوم الدم والمال . ثم إن كان ذلك من قلبه فقد دخل في الإيمان ، وإن قاله بلسانه دون قلبه فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان ، كما قال تعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا [الحجرات :14] . [ ص: 202 ]

وكما أن هذين أصلا الدين فهما أيضا جماع الدين وكماله وتمام فروعه ، فهما الفارقان بين أهل الجنة وأهل النار ، والسعداء والأشقياء ، كما قال تعالى : سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله [الحديد :21] . ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم درجات في الجنة عالية فقالوا : تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم ، فقال : «بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين » .

وقال تعالى : يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [الأعراف :35 - 36] .

وقال : يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا [الأنعام :31] .

وقال تعالى : وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى [الزمر :71] .

وقال تعالى : قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض [ ص: 203 ] عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى [طه :123 - 126] .

وقال في الآية الأخرى : قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [البقرة :38 - 39] .

وقد أخبر في غير موضع من كتابه أن المعذبين في الدنيا والآخرة هم المعرضون عن اتباع رسل الله ، كقوله : كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير [الملك :8 - 9] . وقال تعالى : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين [الزمر :71] ، وقال تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [الإسراء :15] . وقال تعالى : ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى [طه :134] . وقال تعالى : ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين [القصص :47] ، وقال تعالى : لئلا يكون للناس على الله [ ص: 204 ] حجة بعد الرسل [النساء :165] . وقال تعالى : وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا الآية [القصص :59] .

التالي السابق


الخدمات العلمية