صفحة جزء
وقد تنازع السلف والخلف في ربا الفضل ، فطائفة من السلف أباحته ولم تحرم منه شيئا ، وهذا مشهور عن ابن عباس ، وهو مروي عن ابن مسعود ومعاوية ، بل قد روي عنه أنه باع المصوغ إلى أجل ، وبسبب ذلك فارقه عبادة بن الصامت ، وذهب إلى عمر رضي الله عنه شاكيا منه .

ويروي عبادة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الأصناف الستة ، وقد قيل : كانوا في غزوة قبرص ، وليس كذلك ، فإن قبرص إنما غزاها معاوية في خلافة عثمان باتفاق الناس ، وكانوا قد استأذنوا عمر فيها ، فنهى لأجل ركوب البحر ، ثم استأذنوا عثمان فأذن لهم . وفيها توفيت أم حرام بنت ملحان ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الغزاة ، وبها احتجوا على جواز الغزو في البحر ، مع ذكره غزو البحر في حديث .

لكن شكوى عبادة إلى عمر قد كان قبل ذلك في بعض المغازي ، [ ص: 284 ] فإن معاوية فتح قيسارية ، وكانت مدينة بالساحل عظيمة ، ولعل النزاع كان فيها ، وقد غنم المسلمون آنية من ذهب وفضة ، فصار في الخمس منها ما صار ، فباعهم معاوية ذلك إلى العطاء . فصار بيع الإناء الذي وزنه عشرون درهما بثلاثين درهما لأجل صيغته ، والناس رغبوا في ذلك ؛ لأنه إلى العطاء مؤخر عنهم ، ويأخذون ذلك الساعة وينتفعون بها ، فأنكر ذلك عبادة ، وتقاول هو ومعاوية في ذلك ، والقصة مشهورة .

ولما أنكر أبو سعيد الخدري وغيره من الصحابة ذلك على ابن عباس ، روى أبو سعيد حديث خيبر لما قال له وكيله : إنما نبتاع الصاع من التمر الجنيب وهو جيد التمر ، بالصاعين من الجمع وهو المخلوط ، فقال : «إنه عين الربا ، ولكن بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا » ، وقال في الميزان مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية