صفحة جزء
ولما نهى عن بعض الرقى نهى عما فيه شرك ، وقال : «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل » ، وقال : «لا بأس بالرقى ما لم يكن شركا » . وأكل المال بالباطل إضرار وظلم ، وذلك نوعان : ربا وميسر ، والقرآن حرم هذا وهذا ، فالربا فيه زيادة قبض بلا معنى ، والميسر فيه أخذ المال على باطل ، ومخاطرة يتضمن أكل المال بلا منفعة . [ ص: 313 ]

فهذان نوعان مباحان : اشتراء السلعة لينتفع بها ، أو ليتجر فيها يقصد فيها الربح ، وكلاهما مباح بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة .

والثالث : الربا ، وهو أخذ مال زائد بلا عوض يقابله ، بل أكل له بالباطل ، مثل مئة بمئة وعشرين إلى أجل ، وهذا بين في النساء في الجنس ، وهو متفق على تحريمه في النقدين وفي الصنف الربوي كالأعيان الستة ، لا يبيع حنطة بأكثر منها إلى أجل ، ولا شعيرا ولا تمرا ولا زبيبا ولا ملحا . وهو أيضا متفق عليه بين المسلمين في القرض من سائر الأجناس ، فإذا أقرض ما يكال وما يوزن وشرط أكثر منه ، لا يجوز ذلك باتفاقهم . ولو أقرضه ما يوزن ، كالقطن والكتان والحديد وغيره ، وشرط أكثر ، لم يجز بالاتفاق . وكذلك لو أقرضه ما يكال ولا يؤكل ، كالسدر والخطمي والأشنان وغير ذلك ، وشرط أكثر ، لم يجز باتفاقهم .

وهذا من أقوى الحجج على أن الجنس الواحد إذا اجتمع فيه نوعا الربا التفاضل والنساء ، لم يجز ذلك ، وإن كان لا يجري فيه ربا الفضل ، فإنهم متفقون على هذا في القرض ، لو أقرضه ما يوزن لم تجز الزيادة .

وإن قيل : ليس فيه ربا الفضل ، فيجب أن يكون إذا قال : بعتك هذا الرطل برطلين من جنسه إلى شهر ، وهذا الكيل بكيلين إلى شهر ، لم يجز ، وهذا مذهب مالك وأحمد في رواية ، لأنه لو جاز ذلك لجاز أن يجعل ذلك قرضا بزيادة ؛ إذ الاعتبار بالمقاصد لا بالألفاظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية