صفحة جزء
وأما الأب والجد فينبغي لهما استئذانها .

واختلف العلماء في استئذانها هل هو واجب أو مستحب ، والصحيح أنه واجب . ويجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها به ، وينظر في الزوج هل هو كفؤ أم غير كفؤ ، فإنه إنما يزوجها [ ص: 422 ] لمصلحتها لا لمصلحته ، وليس له أن يزوجها بزوج ناقص لغرض له ، مثل أن يزوج وليه ذلك الزوج بدلها ، فيكون من جنس الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يزوجها بأقوام تخالفهم عن أغراض له فاسدة ، أو يزوجها برجل لمال يبذله له وقد خطبها من هو أصلح لها من ذلك الزوج ، فيقدم الخاطب الذي برطله على الخاطب الكفؤ الذي لم يبرطله .

وأصل ذلك أن تصرف الولي في بضع وليته كتصرفه في مالها ، فكما لا يتصرف في مالها إلا بما هو أصلح لها ، فكذلك لا يتصرف في بضعها إلا بما هو أصلح لها . إلا أن الأب له من التبسط في مال ولده ما ليس لغيره ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أنت ومالك لأبيك » ، بخلاف غير الأب ، والله أعلم .

وعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «تستأمر اليتيمة في نفسها ، فإن سكتت فقد أذنت ، وإن أبت لم تكره » . رواه أحمد في مسنده .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اليتيمة تستأمر في نفسها ، [ ص: 423 ] فإن صمتت فهو إذنها ، وإن أبت فلا جواز عليها » . رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي .

فإن كانت المرأة لها تسع سنين ولا أب لها فقيل : يزوجها الولي بلا إذنها ، وقيل : لا تزوج حتى تبلغ ، وقيل : يزوجها بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا أصح الأقوال ، وعليه دل الكتاب والسنة .

(نقله كما شاهده من خط الشيخ الإمام العالم المفتي تقي الدين ابن تيمية رضي الله عنه ، وأذن له الشيخ في نقله أيضا العبد الفقير إلى . . .) .

التالي السابق


الخدمات العلمية