صفحة جزء
وإذا كان الجهاد أفضل الأعمال بعد الفرائض المتعينة، وهو أفضل الفرائض المتعينة بعد الإيمان، كان نعمة الله عز وجل به أعظم، فيستحق من الشكر ما لا يستحقه ما هو دونه من الأعمال.

ثم الجهاد هو في نفسه أنواع؛ فإنه يتناول الجهاد بالمال والنفس.

والجهاد بالنفس:

* قد يكون بالقتال بالبدن. [ ص: 431 ]

* وقد يكون بتدبير الحرب والرأي، وهو أعظم نفعا.

* وقد يكون بتبليغ رسالة الله تعالى، وإظهار حججه ودفع ما يعارضها، وهو أفضل الأنواع الثلاثة.

* وقد يكون بالدعاء لله والتوجه إليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟ بدعائهم، وصلاتهم، وإخلاصهم»، هذا يقوى تارة، ويضعف أخرى، كالجهاد بالبدن.

ولهذا كان أبو بكر رضي الله عنه أفضل المجاهدين؛ لأنه قام بهذا قياما لم يشركه فيه غيره بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مشاركا للنبي صلى الله عليه وسلم في النوع الأوسط مشاركة لم يشاركه فيها أحد غيره، بخلاف الثالث فإنه كان يقوم به من شبان الصحابة رضي الله عنهم عدد كثير، وكذلك كان مقدما في الجهاد بالقلب، والدعاء، واليد، مقدما بالمال على كل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

وإذا كان الجهاد أنواعا، فمن قام بأفضل أنواعه، أو بكثير من أنواعه، كان نعمة الله عليه أعظم من نعمته على من لم يعط ما أعطي، كما أن نعمة الله على أبي بكر في الجهاد أعظم من نعمته على عمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

التالي السابق


الخدمات العلمية