صفحة جزء
والصحابة كلهم كانوا يعبدون الله وحده لا يشركون به شيئا، وكانوا متألهين عارفين بالله، ولم يسموا "ربيون" ولا "ربانيون"، وإنما جاء عن منذر الثوري قال: قال محمد بن الحنفية لما مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذه الأمة ، لكونه كان يؤدبهم بما أعطاه الله من [ ص: 65 ] العلم، فيأمرهم وينهاهم. والخلفاء الراشدون كانوا ربانيين. وقال إبراهيم: كان علقمة من الربانيين. ولهذا قال مجاهد: هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره. فهم أهل الأمر والنهي والأخبار، يدخل فيه من أخبر بالعلم ورواه عن غيره وحدث به، وإن لم يأمر وينه، وذلك هو المنقول عن السلف في "الرباني" . نقل عن علي رضي الله عنه قال: هم الذين يغذون الناس بالحكمة ويربونهم عليها، وعن ابن عباس قال: هم الفقهاء المعلمون.

قلت: أهل الأمر والنهي [هم الفقهاء المعلمون] .

وعن قتادة وعطاء: هم الفقهاء العلماء الحكماء. قال ابن قتيبة : واحدهم رباني، وهم العلماء المعلمون. وقال أبو عبيد : أحسب الكلمة ليست بعربية، إنما هي عبرانية أو سريانية. وذلك أن أبا عبيدة زعم أن العرب لا تعرف الربانيين. قال أبو عبيد: وإنما عرفها الفقهاء وأهل العلم. قال: وسمعت رجلا عالما بالكتب يقول: هم العلماء بالحلال والحرام والأمر والنهي.

قلت: هذا صحيح، واللفظة عربية منسوبة إلى ربان السفينة، ولكن العرب في جاهليتهم لم يكن لهم ربانيون، لأنهم لم يكونوا على شريعة منزلة من الله عز وجل، فلهذا لم يشتهر هذا الاسم عنهم. [ ص: 66 ]

وحكى ابن الأنباري عن بعض اللغويين أن الرباني منسوب إلى الرب، لأن العلم مما يطاع الله به، فدخلت الألف والنون في النسبة للمبالغة، كما قالوا: رجل لحياني إذا بالغوا في وصفه بكبر اللحية.

وهذا قول ضعيف كما تقدم التنبيه عليه.

والله سبحانه أعلم. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية