صفحة جزء
مسألة

في رجال يتركون الصلوات الخمس تهاونا، ويدعون في كل وقت إلى فعلها فلا يجيبون، فماذا يجب عليهم؟ وهل إذا سلموا على أحد أن يرد عليهم السلام؟ وهل يهجروا في الله؟ وفيهم رجل قال: صليت بلا وضوء، وقال أيضا: ما كتب الله علي صلاة، فماذا يجب عليه؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، هؤلاء إذا لم يكونوا مقرين بوجوبها عليهم فهم كفار مرتدون بإجماع المسلمين، يجب قتلهم كلهم إذا لم يتوبوا. والذي قال: ما كتب الله علي صلاة، فإن هذا كافر باتفاق المسلمين يجب قتله إذا لم يتب. وإذا أقروا بالوجوب وامتنعوا من الفعل فإنه يجب عند جماهير أئمة المسلمين أن يستتابوا أيضا، فإن لم يتوبوا ويقيموا الصلاة المفروضة عليهم فإنه يجب قتلهم أيضا.

وهل يقتلوا كفرا أو فسقا؟ على قولين مشهورين للعلماء، أحدهما: أنهم يقتلون كفرا، وهو قول أكثر السلف، وقول طائفة من [ ص: 105 ] أصحاب مالك والشافعي، وهو إحدى الروايتين عن أحمد اختاره أكثر أصحابه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس بين العبد وبين الكفر والشرك إلا ترك الصلاة". رواه مسلم، وقال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" . قال الترمذي: حديث صحيح. وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفرا إلا الصلاة، من تركها فقد برئت منه ذمة الله ورسوله.

وفي صحيح البخاري عن عمر أنه لما طعن قيل له: الصلاة، فقال: نعم، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وقد قال تعالى: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ، فعلق الأخوة في الدين على التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، كما علق ترك القتال على ذلك بقوله: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم . [ ص: 106 ]

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن لم يره كيف تعرفهم؟ فقال: "يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء". فمن لم يصل لم يكن فيه علامة أمة محمد يوم القيامة.

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة أنه ذكر الجهنميين الذين أخرجوا من النار بالشفاعة، قال: "فتأكلهم النار إلا موضع السجود، فإن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود". وأمثال ذلك كثيرة.

وأما قول القائل: صليت بلا وضوء، فإن كان مستحلا لذلك أو مستهزئا بالصلاة كفر باتفاق المسلمين، ووجب قتله، وإن كان معتقدا لوجوب الوضوء للصلاة وأن الصلاة بغير وضوء حرام، ففي كفره قولان للفقهاء، فإن طائفة من أصحاب أبي حنيفة قالوا: يكفر هذا، واتفق المسلمون على مثل هذا يستحق العقوبة الغليظة. والله سبحانه أعلم.

وهجر هؤلاء وترك رد السلام عليهم من أهون ما يعزرون به، فإنهم يستحقون ما هو أغلظ من ذلك، والله أعلم. [ ص: 107 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية