[ ص: 111 ] ولهذا قال الفقهاء : 
يستحب الاستسقاء بأهل الصلاح والدين ، والأولى أن يكونوا من أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، اقتداء 
 nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر  لما استسقى 
 nindex.php?page=showalam&ids=18بالعباس   . ولو كان توسلهم في حياته هو إقساما به على الله وتوسلا بذاته من غير أن يدعو لهم ، لأمكن ذلك بعد مماته ، ولكان توسلهم به أولى من توسلهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=18بالعباس   . ولكن إنما كانوا يتوسلون بدعائه ، كما ثبت ذلك في الصحاح أنهم توسلوا في الاستسقاء بدعائه . وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  قال : ربما ذكرت قول الشاعر : 
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل 
ولم يقل أحد من المسلمين إنهم كانوا في حياته يقسمون به ويتوسلون بذاته ، بل حديث الأعمى الذي رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي   nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  وغيرهم ، ألفاظه صريحة في أن الأعمى إنما توسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما قد بسطت ألفاظه في موضع  
[ ص: 112 ] آخر . وفي أول الحديث 
nindex.php?page=hadith&LINKID=665872أن الأعمى سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله أن يرد إليه بصره ، فهو طلب من النبي الدعاء ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ ويصلي ركعتين ، ويقول : "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد  نبي الرحمة ، يا محمد  يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي لتقضيها ، اللهم فشفعه في"  . وفي رواية ثانية رواها 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد   nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي  وغيرهما : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=697450 "اللهم شفعه في وشفعني فيه"  . 
فلما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو أمره أن يدعو هو أيضا . كما 
nindex.php?page=hadith&LINKID=943071قال له ربيعة بن كعب الأسلمي   : أسأل مرافقتك في الجنة ، فقال : "أعني على نفسك بكثرة السجود"  . فإن شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسؤاله الإنسان قد يكون مشروطا بشروط ، وقد يكون هناك مانع ، كاستغفاره للمنافقين . 
فدعاؤه من أعظم الأسباب في حصول المطلوب ، ولكن السبب قد يكون له شروط وموانع ، فإذا كان 
إبراهيم  قد استغفر لأبيه فلم يغفر له ، وقيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين : 
سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ، وقيل له : 
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ، لم يمنع ذلك أن يكون دعاء  
[ ص: 113 ] إبراهيم  ومحمد  عند الله أعظم الدعاء إجابة ، وجاههما عند الله أعظم جاه للمخلوقين ، وهما الخليلان ، وهما أفضل البرية . لكن الدعاء وإن كان سببا قويا فالكفر مانع معارض ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به ، وقد حرم الجنة على الكافرين والمنافقين وإن استغفر لهم 
محمد  وإبراهيم  ، لوجود المانع لا لنقص جاه الشفيع العظيم القدير . 
وكذلك ثبت عنه في الصحيح أنه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=658629 "استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي"  . 
وقد قال تعالى : 
ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ، ثم اعتذر عن إبراهيم بقوله : 
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم  . 
فهو - صلى الله عليه وسلم - 
nindex.php?page=hadith&LINKID=943071قال لربيعة   : "سل" ، قال : أسأل مرافقتك في الجنة ، فقال : "أوغير ذلك"؟ فقال : بل هو ذاك ، قال : "أعني على نفسك بكثرة السجود"  . فإن المطلوب عال لا ينال بمجرد الدعاء ، بل لا بد من عمل صالح يكون من صاحبه ، يكون عونا للداعي ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=943071 "أعني على نفسك بكثرة السجود"  .  
[ ص: 114 ] 
كذلك أمر الأعمى -لما طلب منه الدعاء له قل : اللهم - أن يعينه هو أيضا بصلاته ودعائه ، وقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=665872 "صل ركعتين ثم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد  نبي الرحمة" أي بدعاء نبيك وشفاعته . كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=653434 "كنا نتوسل إليك بنبينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا"  . 
ومعلوم أنهم إنما 
توسلوا بدعاء  nindex.php?page=showalam&ids=18العباس  ، كما كانوا يتوسلون بدعاء النبي  - صلى الله عليه وسلم - . وهذا فعله 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  بين 
المهاجرين  والأنصار  عام الرمادة ، ولم ينكره أحد ولم يقل له : بل 
التوسل بذات النبي أو الإقسام به مشروع ، فلم يعدل عن التوسل بالرسول إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=18العباس؟  
فلما أقروا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  على ذلك ولم ينكره أحد علم أن ما فعله 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  وأصحابه معه هو المشروع دون ما يخالفه . 
وكذلك أمر الأعمى أن يتوسل بدعائه وشفاعته ، ويدل على ذلك قوله في آخر الحديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=697450 "اللهم فشفعه في" ، علم أنه كان يدعو ويشفع له ، وأن الأعمى إنما توسل بدعائه وشفاعته ، وإلا فكان يقول : "اللهم وهذا شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - " .