صفحة جزء
وإن قيل: إن علمه وسمعه وبصره وإرادته تتعلق بالأنواع الكلية الحافظة لما يتجدد من الأشخاص التي تندرج فيها.

قيل: وكذلك محبته ورضاه وفرحه تتعلق بالأنواع الكلية الحافظة لما يتجدد من الأشخاص التي تندرج فيها.


فما كان جوابا عن أحد البابين، وهو ما أثبت من الصفات كالسمع والبصر والإرادة، فهو الجواب عن الباب الآخر، وهو المحبة والرضى والفرح ونحو ذلك. وإنما يتخيل الفرق لكثرة النظر والاعتبار في أفعال الربوبية، وتعلقها بالصفات التي بها صدرت الأفعال ودلت الأفعال عليها، فإن أكثر نظر الكلاميين والبحاثين في هذا.

وأما النظر في الغايات المطلوبة في العباد، وهو مقتضى الإلهية وما يتعلق بذلك من صفات الحب والبغض والرضا والغضب، فإن الرسل الذين دعوا إلى عبادة الله جاؤوا به، وإنما يحققه أهل العلم والإيمان من أهل ولاية الله تعالى وخاصته.

فإن قيل: هذا يقتضي وصفه باللذة، ومن وصفه بها وصفه بالألم، وذلك يقتضي حدوثه أو إمكانه.

قيل: العبارات المجملة لا نطلقها إذا لم يجئ بها الشرع إلا مفسرة، فالشرع جاء بالحب والرضا والفرح والضحك والبشبشة ونحو ذلك، وجاء أنه يؤذى ويصبر على الأذى، فقال: إن الذين يؤذون الله [ ص: 65 ] ورسوله ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله" . وقال الله تعالى: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار" ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للباصق في القبلة: "إنك قد آذيت الله ورسوله" ، وقال: "من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله" .

فهذه الصفات حق نطق بها الكتاب والسنة، واتفق عليها سلف الأمة وعامة أهل العلم والإيمان من أهل المعرفة واليقين، ودل العقل القياسي والعقل الإيماني على صحتها، فلا خروج عن هذه الأدلة والسنة والجماعة وزمرة الأولياء والأنبياء.

التالي السابق


الخدمات العلمية