صفحة جزء
فصل

* وأما السؤال عن رجل يسرق الأسيرة من المغل أو غيرهم، وما لها أحد، وهو يريد أن ينهزم بها، ويخبؤها ليلا ونهارا ويختلي بها، ويخفيها خوفا من المغل، فأراد الرجل أن يتزوجها، وقال الرجل: إني أشهد الله وملائكته إني رضيت بها زوجة، وأن صداقها علي كذا وكذا. وقالت المرأة: أشهد الله وملائكته أني رضيت بالصداق المعين. وأن يكون زوجها، فهل يجوز ذلك مع الضرورة والخوف من الفتك والوقوع في الزنا، لخلوته بها في طول مسافة الطريق، وانكشافه عليها ليلا ونهارا أم لا؟

والجواب: أنه إن أمكنه أن يذهب بها إلى مكان يزوجها به ولي ذلك المكان ذهب أو وكل، وإن كان قاضي المكان لا يزوجها زوجها غيره ممن له سلطان، كوالي الحرب، أو رئيس القرية، أو أمير الأعراب أو التركمان أو الأكراد، فمتى زوجها ذو سلطان -وهو المطاع- جاز النكاح. نص عليه أحمد بن حنبل وغيره، نص أحمد على أن والي الحرب يزوج إذا كان القاضي جهميا، وعلى أن دهقان القرية يزوج إذا لم يكن هناك حاكم، وكذلك إذا وكلت عالما مشهورا أو خطيب القرية ونحو ذلك، جاز أن يزوجها إذا وكلته. وإن تعذر هذا كله [ ص: 72 ] وكلت رجلا من المسلمين يزوجها بهذا الرجل، فلا تباشر هي العقد، وإن تعذر هذا كله واحتاجا إلى النكاح زوجته نفسها; فإن ما أمر الله به في العقود وغيرها يجب مع القدرة، وأما مع العجز فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فلا يحرم ما يحتاج إليه الناس من النكاح لعجزهم عن بعض ما أمر به من ذلك، بل ما عجزوا عنه سقط وجوبه، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية