صفحة جزء
وقد قال العلماء: إن الذي ابتدع الرفض كان زنديقا قصده إفساد دين الأمة، قالوا: وكان يهوديا فأسلم اسمه عبد الله بن سبإ، وإليه تنسب السبئية.

وقد روي أن عليا طلب قتله وهرب منه. فإن عليا -عليه السلام- مذهبه عقوبة أصناف الشيعة الغالية: بالقتل، والمفضلة: بالجلد، والسبابة: قد روي عنه فيهم القتل. وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.

وأما خلافة أبي بكر وعمر وثبوت فضلهما على عثمان وعلي وغيرهما; فدلائله أكثر من أن تحصر، فقد ثبت في « الصحيح» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: « ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي». ثم قال: « يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».

وهذا الحديث المفسر يبين مراده بالحديث الآخر الصحيح [ ص: 269 ] وهو قوله: « ائتوني بدواة وقرطاس حتى أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا».

وفي « الصحيح» أن امرأة جاءته فقالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تعني الموت. قال: « ائتي أبا بكر».

وفي « السنن» أنه قال: « اقتدوا باللذين من بعدي» يعني أبا بكر وعمر. [ ص: 270 ]

وفي « الصحيح» أنه قال: « رأيت كأني أنزع على قليب فجاء ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربا، فلم أر عبقريا يفري فريه حتى صدر الناس بعطن».

قال الشافعي: أراد بضعف نزعه: قصر مدته لا ضعف همته.

وقد ثبت في الصحاح من غير وجه أنه قال: « لو كنت متخذا من أهل الأرض [خليلا] لاتخذت أبا بكر خليلا».

وفي لفظ: « ولكن أخوة الإسلام، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر».

فقد ثبت بهذا النص المتواتر عند الخاصة أنه لم يكن عنده من أهل الأرض أرفع درجة من أبي بكر.

وثبت في « الصحيح» عن علي أنه قال لما مات عمر: والله إني لأرجو أن يحشرك الله مع صاحبيك، فإني كنت كثيرا ما أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « دخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر». [ ص: 271 ]

وقال الرشيد لمالك: يا أبا عبد الله أخبرني عن منزلة أبي بكر وعمر من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته. فقال: شفيتني يا مالك.

والواجب على من قال القول المذكور أن يعاقب عقوبة بليغة بعد الاستتابة، إما بالقتل في أحد قولي العلماء، وإما بما دونه في القول الآخر. والله تعالى أعلم.

تمت بحمد الله وعونه، والحمد لله رب العالمين.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية