صفحة جزء
وما قررت في غير هذا الموضع -من أن توحيد الله الذي هو إخلاص الدين له ، والعدل الذي نفعله نحن هو جماع الدين- يرجع إلى [ ص: 46 ] ذلك ، فإن إخلاص الدين لله أصل العدل ، كما أن الشرك بالله ظلم عظيم ، وأصل ذلك العلم ، فإنه لا يعلم العدل والظلم إلا بالعلم ، فصار الدين كله : العلم والعدل . وضد ذلك : الظلم والجهل ، قال الله تعالى : وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا [الأحزاب :72] . ولما كان ظلوما جهولا ، وذلك يقع من الرعاة تارة ، ومن الرعية تارة ، ومن غيرهم تارة كان العلم والعدل المأمور به : الصبر على ظلم الأئمة وجورهم ، كما هو من أصول أهل السنة والجماعة ، وكما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المشهورة عنه ، كما قال : «إنكم ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض » . وقال : «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه » . إلى أمثال ذلك . وقال : «أدوا لهم الذي لهم ، واسألوا الله الذي لكم » ، ونهى عن قتالهم ما صلوا ؛ وذلك لأن معهم أصل الدين المقصود ، وهو توحيد الله وعبادته ، ومعهم حسنات وترك لسيئات كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية