صفحة جزء
117 - ( فصل )

ومن ذلك : أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق ، والفرج ، ومجامع الرجال . [ ص: 238 ]

قال مالك رحمه الله ورضي عنه : أرى للإمام أن يتقدم إلى الصياغ في قعود النساء إليهم ، وأرى ألا يترك المرأة الشابة تجلس إلى الصياغ فأما المرأة المتجالة والخادم الدون ، التي لا تتهم على القعود ، ولا يتهم من تقعد عنده : فإني لا أرى بذلك بأسا ، انتهى .

فالإمام مسئول عن ذلك ، والفتنة به عظيمة ، قال صلى الله عليه وسلم : { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء } .

وفي حديث آخر { باعدوا بين الرجال والنساء } وفي حديث آخر : أنه قال للنساء : { لكن حافات الطريق } .

ويجب عليه منع النساء من الخروج متزينات متجملات ، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات ، كالثياب الواسعة والرقاق ، ومنعهن من حديث الرجال ، في الطرقات ، ومنع الرجال من ذلك . وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة - إذا تجملت وتزينت وخرجت - ثيابها بحبر ونحوه ، فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب ، وهذا من أدنى عقوبتهن المالية .

وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها ، ولا سيما إذا خرجت متجملة ، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية ، والله سائل ولي الأمر عن ذلك .

وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال ، والاختلاط بهم في الطريق . فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك .

وقال الخلال في جامعه " : أخبرني محمد بن يحيى الكحال : أنه قال لأبي عبد الله : أرى الرجل [ ص: 239 ] السوء مع المرأة ؟ قال : صح به ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : { أن المرأة إذا تطيبت وخرجت من بيتها فهي زانية } .

و " يمنع المرأة إذا أصابت بخورا أن تشهد عشاء الآخرة في المسجد " . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان } .

ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال : أصل كل بلية وشر ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا ، وهو من أسباب الموت العام ، والطواعين المتصلة . ولما اختلط البغايا بعسكر موسى ، وفشت فيهم الفاحشة : أرسل الله إليهم الطاعون ، فمات في يوم واحد سبعون ألفا ، والقصة مشهورة في كتب التفاسير .

فمن أعظم أسباب الموت العام : كثرة الزنا ، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال ، والمشي بينهم متبرجات متجملات ، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية - قبل الدين - لكانوا أشد شيء منعا لذلك .

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إذا ظهر الزنا في قرية أذن الله بهلاكها " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا إبراهيم بن الأشعث حدثنا عبد الرحمن بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما طفف قوم كيلا ، ولا بخسوا ميزانا ، إلا منعهم الله عز وجل القطر ، ولا ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت ، ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف ، وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع [ ص: 240 ] أعمالهم ، ولم يسمع دعاؤهم } .

التالي السابق


الخدمات العلمية