صفحة جزء
49 - ( فصل )

الطريق الرابع والخامس الحكم بالنكول وحده ، أو به مع رد اليمين : قال الإمام أحمد رحمه الله " قدم عبد الله بن عمر إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في عبد له فقال له عثمان احلف أنك ما بعت العبد وبه عيب علمته . فأبى ابن عمر أن يحلف فرد عليه العبد " .

فيقول له الحاكم : إن لم تحلف وإلا قضيت عليك - ثلاثا - فإن لم يحلف قضى عليه . وهذا اختيار أصحاب أحمد . وبه قال أبو حنيفة وأصحابه .

وقال الأوزاعي وشريح وابن سيرين والنخعي إذا نكل ردت اليمين على المدعي فإن حلف قضي له . وهذا مذهب الشافعي ومالك وقد صوبه الإمام أحمد . واختاره أبو الخطاب وشيخنا في صورة الحكم بمجرد النكول في صورة ، كما سنذكره .

وهذا : قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وقد روى الدارقطني من حديث نافع عن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد اليمين على طالب [ ص: 102 ] الحق } ، واحتج لهذا القول بأن الشارع شرع اليمين مع الشاهد الواحد كما سيأتي . فلم يكتف في جانب المدعي بالشاهد وحده ، حتى يأتي باليمين ، تقوية لشاهده . قالوا : ونكول المدعى عليه أضعف من شاهد المدعي ، فهو أولى أن يقوى بيمين الطالب . فإن النكول ليس بينة من المدعى عليه ، ولا إقرارا ، وهو حجة ضعيفة ، فلم يقو على الاستقلال بالحكم ، فإذا حلف معها المدعي قوي جانبه ، فاجتمع النكول من المدعى عليه واليمين من المدعي ، فقاما مقام الشاهدين أو الشاهد واليمين . قالوا : ولهذا لم يحكم على المرأة في اللعان بمجرد نكولها دون يمين الزوج ، فإذا حلف الزوج ، ونكلت عن اليمين ، حكم عليها : إما بالحبس حتى تقر أو تلاعن كما يقول أحمد وأبو حنيفة ، وإما بالحد كما يقول الشافعي ومالك ، وهو الراجح ; لأن الله سبحانه وتعالى إنما درأ عنها العذاب بشهادتها أربع شهادات : والعذاب المدروء عنها بالتعانها هو العذاب المذكور في قوله تعالى : { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } وهو عذاب الحد . ولهذا ذكره معرفا فاللام العهد ، فعلم أن العذاب هو العذاب المعهود ذكره أولا . ولهذا بدئ أولا بأيمان الزوج لقوة جانبه ، ومكنت المرأة من أن تعارض إيمانه بأيمانها ، فإذا نكلت لم يكن لأيمانه ما يعارضها ، فعملت عملها ، وقواها نكول المرأة ، فحكم عليها بأيمانه ونكولها . فإن قيل : فكان من الممكن أن يبدأ بأيمانها ، فإن نكلت حلف الزوج وحدت ، كما إذا ادعى عليه حقا ، فنكل عن اليمين ، فإنها ترد على المدعي ، ويقضي له ، فهلا شرع اللعان كذلك والمرأة هي المدعى عليها ؟ بل شرعت اليمين في جانب المدعي أولا ، وهذا لا نظير له في الدعاوى .

قيل : لما كان الزوج قاذفا لها كان موجب قذفه أن يحد لها ، فمكن أن يدفع الحد عن نفسه بالتعانه ، ثم طولبت هي بعد ذلك بأن تقر أو تلاعن . فإن أقرت حدت ، وإن أنكرت والتعنت درأت عنها الحد بلعانها ، كما له أن يدرأ الحد عن نفسه بلعانه . وكانت البداءة به أولى لأنه مدع ، وأيمانه قائمة مقام البينة .

ولكن لما كانت دون الشهود الأربعة في القوة مكنت المرأة من دفعها بأيمانها . فإذا أبت أن تدفعها ترجح جانبه ، فوجب عليها الحد ، فلم تحد بمجرد التعانه ، ولا بمجرد نكولها ، بل بمجموع [ ص: 103 ] الأمرين . وأكدت الأيمان بكونها أربعا ، كما أكدت أيمان المدعين في القسامة بكونها خمسين ، ولتقوم الأيمان مقام الشهود . وفي المسألة قول ثالث ، وهو : أنه لا يقضى بالنكول ، ولا بالرد ، ولكن يحبس المدعى عليه حتى يجيب بإقرار أو إنكار يحلف معه . وهذا قول في مذهب أحمد . وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي . وهذا قول ابن أبي ليلى ، فإنه قال : لا أدعه حتى يقر أو يحلف .

واحتج لهذا القول بأن المدعى عليه قد وجب عليه أحد الأمرين : إما الإقرار ، وإما الإنكار : فإذا امتنع من أداء الواجب عليه عوقب بالحبس ونحوه حتى يؤديه . قالوا : وكل من عليه حق ، فامتنع من أدائه ، فهذا سبيله . والآخرون فرقوا بين الموضعين ، وقالوا : لو ترك ونكوله لأفضى إلى ضياع حقوق الناس بالصبر على الحبس . فإذا نكل عن اليمين ضعف جانب البراءة الأصلية فيه ، وقوي جانب المدعي فقوي عن اليمين . وهذا كما أنه لما قوي جانب المدعين للدم باللوث بدئ بأيمانهم ، وأكدت بالعدد . والمقصود : أن الناس اختلفوا في الحكم بالنكول على أقوال . أحدها : أنه من طرق الحكم . وهذا هو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه وقضى به شريح .

قال أبو عبيد : حدثنا يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سالم بن عبد الله " أن أباه - عبد الله بن عمر - باع عبدا له بثمانمائة درهم بالبراءة ، ثم إن صاحب العبد خاصم فيه ابن عمر إلى عثمان بن عفان ، فقال عثمان لابن عمر : أحلف بالله لقد بعته وما به من داء علمته ، فأبى ابن عمر أن يحلف ، فرد عليه العبد " .

وقال ابن أبي شيبة ، عن شريك ، عن مغيرة ، عن الحارث ، قال : " نكل رجل عند شريح عن اليمين ، فقضى عليه ، فقال : أنا أحلف ، فقال شريح : قد قضي قضاؤك " . وهذا قول الإمام أحمد في إحدى الروايتين ، وقول أبي حنيفة .

والقول الثاني : أنه لا يقضى بالنكول ، بل ترد اليمين عن المدعي . فإن حلف قضى له ، وإلا صرفها . وهذا مروي عن ابن عمر وعلي ، والمقداد بن الأسود وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم .

فروى البيهقي وغيره من حديث مسلمة بن علقمة ، عن داود ، عن الشعبي " أن المقداد استقرض من عثمان سبعة آلاف درهم ، فلما تقاضاه ، قال : إنما هي أربعة آلاف درهم ، فخاصمه إلى عمر . فقال المقداد : أحلف أنها سبعة آلاف ، فقال عمر رضي الله عنه : أنصفك . فأبى أن يحلف ، فقال [ ص: 104 ] عمر : خذ ما أعطاك " ورواه أبو عبيد عن عفان بن مسلم عن سلمة .

ورواه البيهقي من حديث حسين بن عبد الله بن ضميرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، قال : " اليمين مع الشاهد ، فإن لم تكن له بينة فاليمين على المدعى عليه ، إذا كان قد خالطه ، فإن نكل حلف المدعي " .

وذكر البيهقي أيضا من حديث سليمان بن عبد الرحمن ، حدثنا محمد بن مسروق ، عن إسحاق بن الفرات ، عن الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم : رد اليمين على طالب الحق }

رواه الحاكم في " المستدرك " قلت : ومحمد بن مسروق - هذا - ينظر من هو ؟

وقال عبد الملك بن حبيب : حدثنا أصبغ بن الفرج ، عن ابن وهب ، عن حيوة بن شريح أن سالم بن غيلان التجيبي أخبره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من كانت له طلبة عند أحد : فعليه البينة ، والمطلوب أولى باليمين . فإن نكل حلف الطالب وأخذ } وهذا مرسل .

واحتج لرد اليمين بحديث القسامة وفي الاستدلال به ما فيه ، فإنه عرض اليمين على المدعين أولا ، واليمين المردودة : هي التي تطلب من المدعي ، بعد نكول المدعى عليه عنها . لكن يقال : وجه الاستدلال : أنها جعلت من جانب المدعي لقوة جانبه باللوث ، فإذا تقوى جانبه بالنكول شرعت في حقه .

والقول الثالث : أنه يجبر على اليمين - شاء أم أبى - بالضرب والحبس ، ولا يقضى عليه بنكول ولا برد يمين . قال أصحاب هذا القول : ولا ترد اليمين إلا في ثلاثة مواضع لا رابع لها : أحدها : القسامة .

والثاني : الوصية في السفر إذا لم يشهد عليها إلا الكفار . والثالث : إذا أقام شاهدا واحدا حلف معه . وهذا قول ابن حزم ومن وافقه من أهل الظاهر . قالوا : لم يأت قرآن ولا سنة ولا إجماع على القضاء بالنكول ولا باليمين المردودة . وجاء نص القرآن برد اليمين في مسألة الوصية .

ونص السنة بردها في مسألة القسامة ، والشاهد واليمين . فاقتصرنا على ما جاء به كتاب الله . وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم نعد ذلك إلى غيره ، وليس قول أحد حجة سوى قول المعصوم صلى الله عليه وسلم وكل من سواه : مأخوذ من قوله ومتروك .

[ ص: 105 ] وأما قول مالك في " الموطإ " - في باب اليمين مع الشاهد في كتاب الأقضية : أرأيت رجلا ادعى على رجل مالا ، أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه ، فإن حلف بطل ذلك عنه ، وإن أبى أن يحلف ، ونكل عن اليمين ، حلف طالب الحق : إن حقه لحق ، وثبت حقه على صاحبه ؟ فهذا ما لا خلاف فيه عند أحد من الناس ، ولا في بلد من البلدان . فبأي شيء أخذ هذا ؟ أم في أي كتاب وجده ؟ فإذا أقر بهذا فليقر باليمين مع الشاهد ، وإن لم يكن ذلك في كتاب الله تعالى هذا لفظه .

قال أبو محمد بن حزم : إن كان خفي عليه قضاء أهل العراق بالنكول ، فإنه لعجيب . ثم قوله : " أذا أقر برد اليمين وإن لم يكن في كتاب الله : فليقر باليمين مع الشاهد ، وإن لم يكن في كتاب الله " فعجب آخر ; لأن اليمين مع الشاهد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في كتاب الله .

قال الله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } . قلت : ليس في واحد من الأمرين من عجب .

أما حكايته الإجماع فإنه لم يقل : لا خلاف أنه لا يحكم بالنكول بل إذا نكل ، ورد اليمين ، حكم له بالاتفاق ، فإن فقهاء الأمصار على قولين : منهم من يقول : يقضي بالنكول . ومنهم من يقول : إذا نكل ردت اليمين على المدعي فإن حلف حكم له . فهذا الذي أراد مالك رحمه الله : أنه إذا رد اليمين مع نكول المدعى عليه لم يبق فيه اختلاف في بلد من البلدان ، وإن كان فيه اختلاف شاذ .

وأما تعجبه من قوله " إن الشاهد واليمين ليس في كتاب الله " فتعجبه هو المتعجب منه ، فإن المانعين من الحكم بالشاهد واليمين يقولون : ليس هو في كتاب الله تعالى ، بل في كتاب الله خلافه ، وهو اعتبار الشاهدين .

فقال مالك رحمه الله تعالى : إذا كنتم تقضون بالنكول ، ويقضي الناس كلهم بالرد مع النكول ، وليس في كتاب الله ، فهكذا الشاهد مع اليمين يجب أن يقضي به وإن لم يكن في كتاب الله تعالى ، كما دلت عليه السنة ؟ فهذا إلزام لا محيد عنه ، والله أعلم .

قال ابن حزم : وأما رد اليمين على الطالب ، إذا نكل المطلوب فما كان من كتاب الله تعالى ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فبين الأمرين فرق كما بين السماء والأرض . فيقال : بل أرشد إليه كتاب الله وسنة رسوله . أما الكتاب : فإنه سبحانه شرع الأيمان في جانب المدعي إذا احتاج إلى ذلك ، وتعذرت عليه إقامة البينة ، وشهدت القرائن بصدقه ، كما في اللعان ، وشرع عذاب المرأة بالحد بنكولها ، مع يمينه فإذا كان هذا شرعه في الحدود التي تدرأ بالشبهات ، وقد أمرنا بدرئها ما استطعنا فلأن يشرع الحكم [ ص: 106 ] بها بيمين المدعي مع نكول المدعى عليه في درهم وثوب ونحو ذلك أولى وأحرى . ولكن أبو محمد وأصحابه سدوا على نفوسهم باب اعتبار المعاني والحكم التي علق بها الشارع الحكم ، ففاتهم بذلك حظ عظيم من العلم ، كما أن الذين فتحوا على نفوسهم باب الأقيسة والعلل - التي لم يشهد لها الشارع بالقبول - دخلوا في باطل كثير ، وفاتهم حق كثير . فالطائفتان في جانب إفراط وتفريط .

وأما إرشاد السنة إلى ذلك : فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل اليمين في جانب المدعي إذا أقام شاهدا واحدا ، لقوة جانبه بالشاهد ، ومكنه من اليمين بغير بذل خصمه ورضاه ، وحكم له بها مع شاهده ، فلأن يحكم به باليمين التي يبذلها خصمه مع قوة جانبه بنكول خصمه أولى وأحرى . وهذا مما لا يشك فيه من له حوض في حكم الشريعة وعللها ومقاصدها . ولهذا شرعت الأيمان في القسامة في جانب المدعي ، لقوة جانبه باللوث . وهذه هي المواضع الثلاثة التي استثناها منكرو القياس . ولما كانت أفهام الصحابة رضي الله عنهم فوق أفهام جميع الأمة ، وعلمهم بمقاصد نبيهم صلى الله عليه وسلم وقواعد دينه وشرعه ، أتم من علم كل من جاء بعدهم : عدلوا عن ذلك إلى غير هذه المواضع الثلاثة : وحكموا بالرد مع النكول في موضع ، وبالنكول وحده في موضع . وهذا من كمال ، فهمهم وعلمهم بالجامع والفارق والحكم والمناسبات ، ولم يرتضوا لأنفسهم عبارات المتأخرين واصطلاحاتهم وتكلفاتهم ، فهم كانوا أعمق الأمة علما ، وأقلهم تكلفا . والمتأخرون عكسهم في الأمرين .

فعثمان بن عفان قال لابن عمر : " أحلف بالله لقد بعت العبد وما به داء علمته " ، فأبى . فحكم عليه بالنكول ، ولم يرد اليمين في هذه الصورة على المدعي ، ويقول له : احلف أنت أنه كان عالما بالعيب ، لأن هذا مما لا يمكن أن يعلمه المدعي ، ويمكن المدعى عليه معرفته ، فإذا لم يحلف المدعى عليه لم يكلف المدعي اليمين . فإن ابن عمر كان قد باعه بالبراءة من العيوب ، وهو إنما يبرأ إذا لم يعلم بالعيب ، فقال له : " احلف أنك بعته وما به عيب تعلمه " . وهذا مما يمكن أن يحلف عليه دون المدعي ، فإنه قد تعذر عليه اليمين : أنه كان عالما بالعيب ، وأنه كتمه مع علمه به .

وأما أثر عمر بن الخطاب - وقول المقداد : " احلف أنها سبعة آلاف " ، فأبى أن يحلف ، فلم يحكم له بنكول عثمان - فوجهه : أن المقرض إن كان عالما بصدق نفسه وصحة دعواه ، حلف وأخذه ، وإن لم يعلم ذلك لم تحل له الدعوى بما لا يعلم صحته ، فإذا نكل عن اليمين لم يقض له بمجرد نكول خصمه . إذ خصمه قد لا يكون عالما بصحة دعواه ، فإذا قال للمدعي : إن كنت عالما بصحة دعواك فاحلف وخذ ، فقد أنصفه جد الإنصاف . [ ص: 107 ] فلا أحسن مما قضى به الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا التفصيل في المسألة هو الحق ، وهو اختيار شيخنا قدس الله روحه قال أبو محمد بن حزم ، محتجا لمذهبه : ونحن نقول : إن نكول الناكل عن اليمين في كل موضع عليه ، يوجب أيضا عليه حكما ، وهو الأدب الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل من أتى منكرا يوجب تغييره باليد . فيقال له : قد يكون معذورا في نكوله ، غير آثم به ، بأن يدعي أنه أقرضه ويكون قد وفاه ، ولا يرضى منه إلا بالجواب على وفق الدعوى . وقد يتحرج من الحلف ، مخافة موافقة قضاء وقدر ، كما روي عن جماعة من السلف .

فلا يجوز أن يحبس حتى يحلف . وقولهم : " إن هذا منكر يجب تغييره باليد " كلام باطل ، فإن تورعه عن اليمين ليس بمنكر ، بل قد يكون واجبا أو مستحبا أو جائزا ، وقد يكون معصية .

وقولهم : " إن الحلف حق قد وجب عليه ، فإذا أبى أن يقوم به ضرب حتى يؤديه " فيقال : إن في اليمين حقا له وحقا عليه . فإن الشارع مكنه من التخلص من الدعوى باليمين ، وهي واجبة عليه للمدعي ، فإذا امتنع من اليمين فقد امتنع من الحق الذي وجب عليه لغيره ، وامتنع من تخليص نفسه من خصمه باليمين . فقيل : يحبس أو يضرب ، حتى يقر أو يحلف ، وقيل : يقضى عليه بنكوله ، ويصير كأنه مقر بالمدعى . وقيل : ترد اليمين على المدعي . والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد .

وقول رابع بالتفصيل كما تقدم ، وهو اختيار شيخنا . وفي المسألة قول خامس : وهو أنه إذا كان المدعي متهما : ردت عليه ، وإن لم يكن متهما قضي عليه بنكول خصمه . وهذا القول : يحكى عن ابن أبي ليلى ، وله حظ في الفقه ، فإنه إذا لم يكن متهما غلب على الظن صدقه ، فإذا نكل خصمه قوي ظن صدقه ، فلم يحتج إلى اليمين . وأما إذا كان متهما لم يبق معنا إلا مجرد النكول ، فقويناه برد اليمين عليه ، وهذا نوع من الاستحسان .

التالي السابق


الخدمات العلمية