52 - ( فصل ) 
الطريق السادس 
الحكم بالشاهد الواحد بلا يمين وذلك في صور   : 
منها : إذا 
شهد برؤية هلال رمضان شاهد واحد في ظاهر مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16694لحديث  nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر    : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام ، وأمر الناس بالصيام   } رواه 
أبو داود    . فعلى هذا : هل يكتفى بشهادة المرأة الواحدة في ذلك ؟ فيه وجهان : مبنيان على أن ثبوته بقول الواحد : هل هو من باب الإخبار ، أو من باب الشهادات ؟ وروى 
أبو داود  أيضا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    . 
قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=17410جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني رأيت الهلال ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : نعم ، قال : أتشهد أن محمدا  رسول الله ؟ قال : نعم ، قال : يا  nindex.php?page=showalam&ids=115بلال  ، أذن في الناس فليصوموا غدا   } . وعنه رواية أخرى : لا يجب إلا بشهادة اثنين . 
وحجة هذا القول : ما رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي   nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد  وغيرهما عن 
عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب  ، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=21241صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، وأمسكوا ، فإن غم عليكم  [ ص: 110 ] فأتموا ثلاثين يوما ، فإن شهد شاهدان ، ذوا عدل فصوموا وأفطروا   } . 
وهذا لا حجة فيه من طريق المنطوق ، ومن طريق المفهوم فيه تفصيل : وهو أنه إن كان المشهود به هلال شوال ، فيشترط شاهدان بهذا النص . وإن كان هلال رمضان : كفى واحد بالنصين الآخرين ، ولا يقوى ما يتوهم من عموم المفهوم على معارضة هذين الخبرين . وأصول الشرع تشهد للاكتفاء بقول الواحد ، فإن ذلك خبر عن دخول وقت العبادة . فاكتفى فيه بالشاهد الواحد ، كالإخبار عن دخول وقت الصلاة بالأذان ، ولا فرق بينهما . 
وقال 
أبو بكر عبد العزيز    : إن كان الرائي في جماعة لم تقبل إلا شهادة اثنين لأنه يبعد انفراد الواحد من بين الناس بالرؤية ، فإذا شهد معه آخر : غلب على الظن صدقهما وإن كان في سفر فقدم ، قبل قوله وحده ، لظاهر الحديث ، ولأنه قد يكون في السفر وحده ، أو يتشاغل رفقته عن رؤيته ، فيراه هو . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة    : إن كان في السماء علة أو غيم أو غبار أو نحو ذلك ، مما يمنع الرؤية قبلت شهادة الواحد العدل ، والحر والعبد والذكر والأنثى في ذلك سواء . وتقبل فيه شهادة المحدود في القذف إذا تاب ، ولا يشترط لفظ الشهادة . قال : وإن لم تكن في السماء علة لم تقبل إلا شهادة جمع يقع العلم بخبرهم ، وهو مفوض إلى رأي الإمام من غير تقدير ، لأن المطالع متحدة ، والموانع مرتفعة ، والأبصار صحيحة ، والدواعي على طلب الرؤية متوفرة ، فلا يجوز أن يختص بالرؤية النفر القليل . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  رواية أخرى : أنه تكفي شهادة الاثنين . قالوا : ولو جاء رجل من خارج المصر ، وشهد به قبل ، وكذا إذا كان على مرتفع في البلد كالمنارة ونحوها ، إذ الرؤية تختلف باختلاف صفاء الجو وكدره ، وباختلاف ارتفاع المكان وهبوطه . والصحيح : قبول شهادة الواحد مطلقا ، كما دل عليه حديثا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس    . ولا ريب أن الرؤية كما تختلف بأسباب خارجة عن الرائي ، فإنها تختلف بأسباب من الرائين ، كحدة البصر وكلاله . وقد شاهد الناس الجمع العظيم يتراءون الهلال ، فيراه الآحاد منهم ، وأكثرهم لا يرونه ، ولا يعد انفراد الواحد بالرؤية من بين الناس كاذبا . 
وقد كان الصحابة في طريق الحج ، فتراءوا هلال ذي الحجة ، فرآه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ولم يره 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  ، فجعل يقول " ألا تراه يا أمير المؤمنين ، فقال : سأراه وأنا مستلق على فراشي " . 
53 - ( فصل )  
[ ص: 111 ] ومنها : ما يختص بمعرفة أهل الخبرة والطب ، كالموضحة وشبهها ، وداء الحيوان الذي لا يعرفه إلا البيطار . فتقبل في ذلك شهادة طبيب واحد وبيطار واحد إذا لم يوجد غيره . نص عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    . وإن أمكن شهادة اثنين ، فقال أصحابنا : لا يكتفى بدونهما ، أخذا من مفهوم كلامه . ويتخرج قبول قول الواحد ، كما يقبل قول القاسم والقائف وحده . 
54 - ( فصل ) 
ومنها : ما لا يطلع عليه الرجال غالبا ، من الولادة والرضاع والعيوب تحت الثياب ، والحيض والعدة ، فتقبل فيه شهادة امرأة واحدة مع العدالة . والأصل فيه : حديث 
عقبة بن الحارث  قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=21628تزوجت امرأة ، فجاءت أمة سوداء ، فقال : فقد أرضعتكما ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال : دعها عنك   } . وفي هذا الحديث من الأحكام : قبول شهادة العبد ، وقبول شهادة المرأة وحدها ، وقبول شهادة الرجل على فعل نفسه ، كالقاسم والخارص ، والحاكم على حكمه بعد عزله . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    : رواية أخرى : لا تقبل فيه إلا شهادة امرأتين ; لأن الله سبحانه أقامهما في الشهادة مقام شاهد واحد ، وهو أقل نصابا في الشهادة . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي   nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك    : لا يقبل أقل من أربع نسوة ، لأنهن كرجلين . والله تعالى أمر باستشهاد رجلين ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ، فعلم أن المرأتين مقام الشاهد الواحد . 
وقد احتج 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد    : أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8عليا  رضي الله عنه أجاز شهادة القابلة في الاستهلال . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    : لو ثبت عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  لصرنا إليه . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه    : لو صحت شهادتها لقلنا به . ولا نعرف اشتراط الأربعة عن أحد قبل 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء    ; فإن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  روي عنه : " لا يجوز في الاستهلال إلا أربع نسوة " ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي    . 
وقد روي مرفوعا من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة  ، رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني  من حديث 
محمد بن عبد الملك الواسطي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمشي  ، عن 
أبي وائل  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة    : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=2794أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة   } . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني    : 
محمد بن عبد الملك الواسطي    : لم يسمعه من 
 nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش  ، بينهما رجل مجهول . هو 
أبو عبد الرحمن المدائني   [ ص: 112 ]   . 
قال 
ابن الجوزي    : وقد روى أصحابنا من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر    : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=43653يجزئ في الرضاع شهادة امرأة   } . قلت : وهذا لا يعرف إسناده ، وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم شهادة 
 nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت  وحده ، وجعلها بشهادتين ، وقد احتج به 
 nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود  على قبول شهادة الرجل وحده ، إذا علم الحاكم صدقه ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في صحيحه " : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12396إبراهيم بن موسى  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17248هشام بن يوسف  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  أخبرهم ، قال : أخبرني 
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة    { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=4801  : أن بني صهيب مولى ابن جدعان    - ادعوا بيتين وحجرة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى ذلك  nindex.php?page=showalam&ids=52صهيبا  ، فقال مروان    : من يشهد لكما على ذلك ؟ قالوا :  nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  ، فدعاه ، فشهد لأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم  nindex.php?page=showalam&ids=52صهيبا  بيتين وحجرة ، فقضى مروان  بشهادته   } . وهذا غير مختص به ، والذي يشهد به 
خزيمة  يشهد به كل مؤمن بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما بينه 
خزيمة  دون الصحابة لدخول هذا الفرد من أخباره صلى الله عليه وسلم في جملة أخباره ، وأنه يجب تصديقه فيه ، والشهادة بأنه كما أخبر به ، كما يجب تصديقه في سائر أخباره . 
وقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة الشاهد الواحد من غير يمين كما جاء في الصحيحين " من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة  ، قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=17972  : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين    : من قتل قتيلا ، له عليه بينة : فله سلبه ، فقمت ، فقلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست ثم قلت : من يشهد لي ؟ فقال : ما لك يا  nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة  ؟ فذكرت أمر القتيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من جلسائه : صدق يا رسول الله ، سلبه عندي ، فأرضه منه ، فقال أبو بكر    : لاها الله إذا لا نعطيه أضييع قريش  ، وندع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق ، أعطه إياه . فأداه إلي   } . 
وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال في المذاهب : أحدها : أنه لا بد من شاهدين . 
والثاني : يكفي شاهد ويمين . 
والثالث : يكفي شاهد واحد ، وهو الأصح في الدليل ، لهذا الحديث الصحيح الذي لا معارض ولا وجه للعدول عنه .
وقال 
أبو داود  في سننه " : " باب إذا علم الحاكم بصدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به "  
[ ص: 113 ] ثم ذكر حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت    . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    : وذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=16688عمران بن حدير  عن 
أبي مجلز  قال : " قضى 
 nindex.php?page=showalam&ids=15917زرارة بن أوفى  رحمه الله بشهادتي وحدي " . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة  عن 
أبي قيس  وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق    : " أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا  أجاز شهادة كل واحد منهما وحده " . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق    : " أجاز 
 nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح  شهادتي وحدي " . 
وقال 
أبو قيس    : " شهدت عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح  على مصحف ، فأجاز شهادتي وحدي . 
55 - ( فصل ) 
ومنها : قبول 
شهادة الشاهد الواحد ، بغير يمين في الترجمة ، والتعريف والرسالة ، والجرح والتعديل   . نص عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  في إحدى الروايتين عنه . وترجم عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في صحيحه " ، فقال : " باب ترجمة الحكام ، وهل يجوز ترجمان واحد ؟ " قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد  عن { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=22674 nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت    : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتابة اليهود  ، حتى كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه   } وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر    - وعنده 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي   nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان   nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف    - " ماذا تقول هذه ؟ فقال 
عبد الرحمن بن حاطب    : تخبرك بصاحبها الذي صنع بها " . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11969أبو جمرة    : " كنت أترجم بين 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  وبين الناس " . فقال بعض الناس : لا بد للحاكم من مترجمين " . قلت : هذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، واختيار 
 nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي  ، والاكتفاء بواحد قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ، وهو الصحيح ، لما تقدم . وهو اختيار 
أبي بكر    .