صفحة جزء
67 - ( فصل )

[ ص: 129 ] وشهادة النساء نوعان : نوع تقبل فيه النساء منفردات ، ونوع لا يقبلن فيه إلا مع الرجال ، وقد اختلف السلف في ذلك في مواضع : فروى ابن أبي شيبة عن مكحول : لا تجوز شهادة النساء إلا في الدين ، وروى أيضا عن الشعبي ، قال : من الشهادات ما لا تجوز فيه إلا شهادة النساء ، وعن الزهري قال : مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن .

وقال ابن عمر : لا تجوز شهادة النساء وحدهن ، إلا فيما لا يطلع عليه غيرهن ، من عورات النساء وحملهن وحيضهن .

وقال علي بن أبي طالب : " لا تجوز شهادة النساء بحتا ، حتى يكون معهن رجل " رواه إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي ضمرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، وصح ذلك عن عطاء ، وعمر بن عبد العزيز .

وقال سعيد بن المسيب وعبد الله بن عتبة : لا تقبل شهادة النساء إلا فيما لا يطلع عليه غيرهن .

وقال عمر وعلي رضي الله عنهما : " لا تجوز شهادة النساء في الطلاق ولا النكاح ولا الدماء ولا الحدود " .

وقال الزهري : " مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين بعده : ألا تجوز شهادة النساء في الحدود والنكاح والطلاق " . وصح عن شريح أنه أجاز في عتاقة : شهادة رجل وامرأتين . وصح عن الشعبي قبول شهادة رجل وامرأتين في الطلاق وجراح الخطأ .

وصح عن جابر بن زيد : قبول الرجل والمرأتين في الطلاق والنكاح . وصح عن إياس بن معاوية قبول امرأتين في الطلاق . وصح عن شريح : أنه أجاز شهادة أربع نسوة على رجل في صداق امرأة . وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن هشام بن حجير عمن يرضى كتابه - يريد طاوسا - قال : [ ص: 130 ] تجوز شهادة النساء في كل شيء مع الرجال ، إلا الزنا ، من أجل أنه لا ينبغي أن ينظرن إلى ذلك .

وقال أبو عبيد : حدثنا يزيد بن هارون ، عن جرير بن أبي حازم ، عن الزبير بن الحارث ، عن أبي لبيد : أن سكرانا طلق امرأته ثلاثا ، فشهد عليه أربع نسوة فرفع إلى عمر بن الخطاب ، فأجاز شهادة النسوة ، وفرق بينهما .

وقال عبد الرحمن بن مهدي : حدثنا خراش بن مالك : حدثنا يحيى بن عبيد ، عن أبيه : أن رجلا من عمان ثمل من الشراب ، فطلق امرأته ثلاثا ، فشهد عليه نسوة ، فكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب ، فأجاز شهادة النسوة ، وأثبت عليه الطلاق .

وذكر سفيان بن عيينة : أن امرأة وطئت صبيا ، فشهد عليها أربع نسوة . فأجاز علي بن أبي طالب شهادتهن .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا حفص بن غياث ، عن أبي طلق ، عن أخته هند بنت طلق ، قالت : " كنت في نسوة وصبي مسجى بثوب ، فقامت امرأة فمرت ، فوطئت الصبي برجلها ، فوقعت على الصبي فقتلته والله ، فشهد عند علي رضي الله عنه عشر نسوة - أنا عاشرتهن - فقضى عليها بالدية ، وأعانها بألفين " .

وقال محمد بن المثنى : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن أبيه ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : لو شهد عندي ثمان نسوة على امرأة بالزنا لرجمتها .

وقال عبد الرزاق : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : تجوز شهادة النساء مع الرجال في كل شيء ، ويجوز على الزنا امرأتان وثلاثة رجال

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا إسماعيل ابن علية ، عن عبيد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين أن رجلا ادعى متاع البيت ، فجاء أربع نسوة فشهدن ، فقلن : دفعت إليه الصداق ، فجهزها به ، فقضى شريح عليه بالمتاع " ، وهذا في غاية الصحة .

وقال سفيان الثوري : تقبل المرأتان مع الرجل في القصاص ، وفي الطلاق ، والنكاح ، وفي كل شيء ، حاشا الحدود ، ويقبلن منفردات فيما لا يطلع عليه إلا النساء .

وقال أبو حنيفة : تقبل شهادة رجل وامرأتين في جميع الأحكام إلا القصاص والحدود ، ويقبلن في الطلاق والنكاح والرجعة مع الرجل ، ولا يقبلن منفردات ، لا في الرضاع ولا في انقضاء العدة [ ص: 131 ] بالولادة ، ولا في الاستهلال ، لكن مع رجل ، ويقبلن في الولادة المطلقة وغيوب النساء منفردات .

وقال أبو يوسف ومحمد : يقبلن منفردات في انقضاء العدة بالولادة وفي الاستهلال .

وقال مالك : لا يقبل النساء مع رجل ولا بدونه في قصاص ، ولا حد ، ولا نكاح ، ولا طلاق ، ولا رجعة ، ولا عتق ، ولا نسب ، ولا ولاء ، ولا إحصان ، وتجوز شهادتهن مع رجل في الديون والأموال ، والوكالة ، والوصية التي لا عتق فيها ، ويقبلن منفردات في عيوب النساء ، والولادة والرضاع ، والاستهلال ، وحيث يقبل شاهد ويمين الطالب ، فإنه يقضى فيه بشهادة امرأتين مع رجل في الأموال كلها ، وفي العتق ، لأنه مال ، وفي قتل الخطأ ، وفي الوصية لإنسان بمال ، ولا يقبلن في أصل الوصية ، لا مع رجل ولا بدونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية