صفحة جزء
68 - ( فصل )

وحيث قبلت شهادة النساء منفردات ، فقد اختلف في نصاب هذه البينة ، فقال الشعبي والنخعي - في رواية عنهما - وقتادة وابن شبرمة والشافعي وداود : لا يقبل أقل من أربع نسوة ، واستثنى داود الرضاع ، فأجاز فيه شهادة امرأة واحدة .

وقال عثمان البتي : لا يقبل فيما يقبل فيه النساء منفردات إلا ثلاث نسوة ، لا أقل من ذلك .

وقالت طائفة : تقبل امرأتان في كل ما يقبل فيه النساء منفردات ، وهو قول الزهري ، إلا في الاستهلال خاصة ، فإنه تقبل فيه القابلة وحدها .

وقال الحكم بن عيينة : لا يقبل في ذلك كله إلا امرأتان ، وهو قول ابن أبي ليلى ، ومالك ، وأبي عبيد ، وأجاز علي بن أبي طالب شهادة القابلة وحدها كما تقدم .

قال ابن حزم : وروينا ذلك عن أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما في الاستهلال ، وورث عمر به ، وهو قول الزهري ، والنخعي ، والشعبي - في أحد قوليهما - وهو قول الحسن البصري ، وشريح ، وأبي الزناد ، ويحيى الأنصاري ، وربيعة ، وحماد بن أبي سليمان ، قال : وإن كانت يهودية ، كل ذلك في الاستهلال .

وقال الشعبي وحماد : ذلك في كل ما لا يطلع عليه إلا النساء ، وهو قول الليث بن سعد .

وقال الثوري : يقبل في عيوب النساء وما لا يطلع عليه إلا النساء : امرأة واحدة ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، وصح عن ابن عباس .

وروي عن عثمان ، وعلي وابن عمر ، والحسن البصري ، والزهري .

وروي عن ربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد والنخعي ، وشريح ، وطاوس ، والشعبي الحكم في الرضاع بشهادة امرأة واحدة ، وأن عثمان رضي الله عنه فرق بشهادتهما بين الرجال ونسائهم ، [ ص: 132 ] وذكر الزهري أن الناس على ذلك ، وذكر الشعبي ذلك عن القضاة جملة .

وروي عن ابن عباس : أنها تستحلف مع ذلك . وصح عن معاوية : أنه قضى في دار بشهادة أم سلمة أم المؤمنين ، ولم يشهد بذلك غيرها .

قال أبو محمد بن حزم : وروينا عن عمر ، وعلي ، والمغيرة بن شعبة ، وابن عباس : أنهم لم يفرقوا بشهادة امرأة واحدة في الرضاع ، وهو قول أبي عبيد ، قال : لا أقضي في ذلك بالفرقة ، ولا أقضي بها . وروينا عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " لو فتحنا هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين رجل وامرأته إلا فعلت " .

وقال الأوزاعي : أقضي بشهادة امرأة واحدة قبل النكاح ، وأمنع من النكاح ولا أفرق بشهادتها بعد النكاح .

وقال عبد الرزاق : حدثنا ابن جريج ، قال : قال ابن شهاب : جاءت امرأة سوداء إلى أهل ثلاثة أبيات تناكحوا ، فقالت هم بني وبناتي ، ففرق عثمان رضي الله عنه بينهم .

قال : وروينا عن الزهري أنه قال : فالناس يأخذون اليوم بذلك من قول عثمان في المرضعات إذا لم يتهمن .

وقال ابن حزم : ولا يجوز أن يقبل في الزنا أقل من أربعة رجال عدول مسلمين ، أو مكان كل واحد امرأتان مسلمتان عدلتان ، فيكون ذلك ثلاثة رجال وامرأتين ، أو رجلين وأربع نسوة ، أو رجلا واحدا وست نسوة ، أو ثماني نسوة فقط ، ولا يقبل في سائر الحقوق كلها من الحدود والزنا ، وما فيه القصاص ، والنكاح والطلاق والأموال إلا رجلان مسلمان عدلان ، أو رجل وامرأتان كذلك ، أو أربع نسوة كذلك ، ويقبل في كل ذلك - حاشا الحدود - رجل واحد عدل ، أو امرأتان كذلك مع يمين الطالب ، ويقبل في الرضاع وحده امرأة واحدة عدلة ، أو رجل واحد عدل .

التالي السابق


الخدمات العلمية