70 - ( فصل )  
[ ص: 135 ] الطريق العاشر 
الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي في الأموال وحقوقها   : وهذا مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، وأحد الوجهين في مذهب الإمام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، حكاه 
شيخنا  واختاره ، وظاهر القرآن والسنة يدل على صحة هذا القول ، فإن الله سبحانه أقام المرأتين مقام الرجل ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=1781أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قلن : بلى   } ( 146 ) ، فهذا يدل بمنطوقه على أن شهادتها وحدها على النصف ، وبمفهومه على أن شهادتها مع مثلها كشهادة الرجل ، وليس في القرآن ولا في السنة ، ولا في الإجماع ما يمنع من ذلك بل القياس الصحيح يقتضيه ، فإن المرأتين إذا قامتا مقام الرجل - إذا كانتا معه - قامتا مقامه وإن لم تكونا معه ، فإن قبول شهادتهما لم يكن لمعنى الرجل ، بل لمعنى فيهما ، وهو العدالة وهذا موجود فيما إذا انفردتا ، وإنما يخشى من سوء ضبط المرأة وحدها وحفظها ، فقويت بامرأة أخرى . 
فإن قيل : البينة على المال إذا خلت من رجل لم تقبل ، كما لو شهد أربع نسوة ، وما ذكرتموه ينتقض بهذه الصورة ، فإن المرأتين لو أقيمتا مقام الرجل من كل وجه لكفى أربع نسوة مقام رجلين ، وتقبل في غير الأموال شهادة رجل وامرأتين . 
وأيضا ، فشهادة المرأتين ضعيفة ، فقويت بالرجل ، واليمين ضعيفة ، فينضم ضعيف إلى ضعيف فلا يقبل . 
وأيضا ، فإن الله سبحانه قال : { 
واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان   } ، فلو حكم بامرأتين ويمين لكان هذا قسما ثالثا ؟ والجواب : أما قولكم : " أن البينة إذا خلت عن الرجل لم تقبل " ، فهذا هو المدعي ، وهو محل النزاع ، فكيف يحتج به ؟ وقولكم : " كما لو شهد أربع نسوة " ، فهذا فيه نزاع ، وإن ظنه طائفة إجماعا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953كالقاضي  وغيره . 
قال الإمام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  في الرجل يوصي ولا يحضره إلا النساء قال : أجيز شهادة النساء فظاهر هذا أنه أثبت الوصية بشهادة النساء على الانفراد ، إذا لم يحضره الرجال . 
وذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=14243الخلال  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    : أنه سئل عن الرجل 
يوصي بأشياء لأقاربه ويعتق ، ولا يحضره إلا النساء   : هل تجوز شهادتهن ؟ قال : نعم ، تجوز شهادتهن في الحقوق . وقد تقدم ذكر المواضع التي قبلت فيها البينات من النساء ، وأن " البينة " اسم لما يبين الحق ، وهو أعم من أن يكون برجال ، أو نساء ، أو نكول ، أو يمين ، أو أمارات ظاهرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قبل شهادة المرأة في الرضاع ، وقبلها الصحابة في مواضع قد ذكرناها ، وقبلها التابعون .  
[ ص: 136 ] 
وقولكم : " وتقبل في غير الأموال شهادة رجل وامرأتين " . 
قلنا : نعم ، وذلك موجود في عدة مواضع ، كالنكاح ، والرجعة ، والطلاق ، والنسب ، والولاء ، والإيصاء ، والوكالة في النكاح وغيره على إحدى الروايتين . وقولكم : " شهادة المرأتين ضعيفة ، فقويت بالرجل ، واليمين ضعيفة ، فينضم . 
ضعيف إلى ضعيف ، فلا يقبل " . 
جوابه : أنا لا نسلم ضعف شهادة المرأتين إذا اجتمعتا ، ولهذا يحكم بشهادتهما إذا اجتمعتا مع الرجل ، وإن أمكن أن يؤتى برجلين ، فالرجل والمرأتان أصل لا بدل ، والمرأة العدل كالرجل في الصدق والأمانة والديانة ، إلا أنها لما خيف عليها السهو والنسيان قويت بمثلها ، وذلك قد يجعلها أقوى من الرجل الواحد أو مثله ، ولا ريب أن الظن المستفاد من شهادة مثل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء  وأم عطية  ، أقوى من الظن المستفاد من رجل واحد دونهما ودون أمثالهما . 
وأما قوله تعالى : { 
واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان   } ولم يذكر المرأتين واليمين . 
فيقال : ولم يذكر الشاهد واليمين ، ولا النكول ، ولا الرد ، ولا شهادة المرأة الواحدة ، ولا المرأتين ، ولا الأربع نسوة ، وهو سبحانه لم يذكر ما يحكم به الحاكم ، وإنما أرشد إلى ما يحفظ به الحق ، وطرق الحكم أوسع من الطرق التي تحفظ بها الحقوق .