صفحة جزء
100 - ( فصل )

وأما التسعير : فمنه ما هو ظلم محرم ، ومنه ما هو عدل جائز . فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه ، أو منعهم مما أباح الله لهم ، فهو حرام ، وإذا تضمن العدل بين الناس ، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل ، فهو جائز ، بل واجب .

فأما القسم الأول : فمثل ما روى أنس قال : { غلا السعر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، لو سعرت لنا ؟ فقال : إن الله هو القابض الرازق ، الباسط المسعر ، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال } رواه أبو داود والترمذي وصححه .

فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم ، وقد ارتفع السعر - إما لقلة الشيء ، وإما لكثرة الخلق - فهذا إلى الله ، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها : إكراه بغير حق .

وأما الثاني : فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها ، مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة ، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل ، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل ، فالتسعير هاهنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به .

التالي السابق


الخدمات العلمية