سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر قتل علي - رضي الله عنه - الحارث وأخاه مرحبا ، وعامرا وياسرا فرسان يهود وسبعانها

روى محمد بن عمر عن جابر - رضي الله عنه - قال : أول من خرج من حصون خيبر - مبارزا - الحارث أخو مرحب في عاديته فقتله علي - رضي الله عنه - ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن ، وبرز عامر ، وكان رجلا جسيما طويلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين برز وطلع عامر «أترونه خمسة أذرع ؟ » وهو يدعو إلى البراز ، فخرج إليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فضربه ضربات ، كل ذلك لا يصنع شيئا ، حتى ضرب ساقيه فبرك ، ثم ذفف عليه ، وأخذ سلاحه .

قال ابن إسحاق : ثم برز ياسر وهو يقول :


قد علمت خيبر أني ياسر شاكي السلاح بطل مغاو . [ ص: 126 ]     إذا الليوث أقبلت تبادر
وأحجمت عن صولة المساور

إن حسامي فيه موت حاضر

قال محمد بن عمر : وكان من أشدائهم ، وكان معه حربة يحوس الناس بها حوسا ، فبرز له علي بن أبي طالب ، فقال له الزبير بن العوام : أقسمت ألا خليت بيني وبينه ، ففعل ،

فقالت صفية لما خرج إليه الزبير - رضي الله عنها - : يا رسول الله يقتل ابني ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «بل ابنك يقتله - إن شاء الله»

فخرج إليه الزبير وهو يقول :


قد علمت خيبر أني زبار     قرم لقرم غير نكس فرار
ابن حماة المجد ، ابن الأخيار     ياسر لا يغررك جمع الكفار

فجمعهم مثل السراب الختار

ثم التقيا فقتله الزبير ، قال ابن إسحاق : وذكر أن عليا هو الذي قتل ياسرا .

قال محمد بن عمر : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير لما قتل ياسرا فداك عم وخال ثم قال : «لكل نبي حواري وحواري الزبير ابن عمتي» .

حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم ، والبيهقي أن مرحبا - وهو بفتح الميم ، والحاء المهملة ، وسكون الراء - بينهما - وبالموحدة - خرج وهو يخطر بسيفه ، وفي حديث ابن بريدة عن أبيه : خرج مرحب وعليه مغفر معصفر يماني وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول :


قد علمت خيبر أني مرحب     شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الليوث أقبلت تلهب

قال سلمة : فبرز له عامر وهو يقول :


قد علمت خيبر أني عامر     شاكي السلاح بطل مغامر

قال : فاختلفا ضربتين ، فوقع سيف مرحب في ترس عامر ، فذهب عامر يسفل له ، وكان سيفه فيه قصر ، فرجع سيفه على نفسه ، فقطع أكحله ، وفي رواية عين ركبته ، وكانت فيها نفسه ، قال بريدة : فبرز مرحب وهو يقول :


قد علمت خيبر أني مرحب     شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلهب     وأحجمت عن صولة المغلب

فبرز له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعليه جبة أرجوان حمراء قد أخرج خملها ، وهو يقول . [ ص: 127 ]


أنا الذي سمتني أمي حيدره     كليث غابات كريه المنظرة

أو فيهم بالصاع كيل السندره

فضرب مرحبا ففلق رأسه ، وكان الفتح .

وفي حديث بريدة ، فاختلفا ضربتين ، فبدره علي - رضي الله عنه - بضربة فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الأحراش وسمع أهل العسكر صوت ضربته وقام الناس مع علي حتى أخذ المدينة .

وروى الإمام أحمد عن علي - رضي الله عنه - قال : لما قتلت مرحبا ، جئت برأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية