سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر إرادته - صلى الله عليه وسلم - إجلاء يهود خيبر عنها كما وقع شرطهم ، ثم إقراره إياهم يعملون فيها ما أقرهم الله وإخراج عمر بن الخطاب لهم لما نكثوا العهد

روى البخاري والبيهقي عن ابن عمر والبيهقي عن عروة وعن موسى بن عقبة : أن خيبر لما فتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألت يهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم فيها على نصف ما [ ص: 133 ]

خرج منها من التمر ، وقالوا : دعنا يا محمد نكون في هذه الأرض . نصلحها ، ونقوم عليها ، ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها ، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها ، فأعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم
- ، وفي لفظ ،

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم «نقركم فيها على ذلك ما شئنا ، وفي لفظ «ما أقركم الله» .

وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم ، ثم يضمنهم الشطر ، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة خرص ابن رواحة ، وأرادوا أن يرشوا ابن رواحة ، فقال : يا أعداء الله ، تطعموني السحت ؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلى ، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، فأقاموا بأرضهم على ذلك .

فلما كان زمان عمر ، غشوا المسلمين ، وألقوا عبد الله بن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه ، ويقال بل سحروه بالليل وهو نائم على فراشه ، فكوع حتى أصبح كأنه في وثاق ، وجاء أصحابه ، فأصلحوا من يديه ، فقام عمر خطيبا في الناس ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل يهود خيبر على أموالها ، وقال : نقركم ما أقركم الله ، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك فعدي عليه من الليل ، ففدعت يداه ، وليس لنا هناك عدو غيرهم ، وهم تهمتنا ، وقد رأيت إجلاءهم . فمن كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها ، فلما أجمع على ذلك ، قال رئيسهم ، وهو أحد بني الحقيق : لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرنا أبو القاسم وأبو بكر ، فقال عمر لرئيسهم : أتراني سقط عني

قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كيف بك ، إذا ارفضت بك راحلتك تؤم الشام يوما ، ثم يوما ؟ »

وفي رواية : أظننت أني نسيت

قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كيف بك إذا خرجت من خيبر يعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة»

فقال : تلك هزيلة من أبي القاسم ، قال : كذبت ، وأجلاهم عمر ، وأعطاهم قيمة مالهم من التمر : مالا ، وإبلا ، وعروضا من أقتاب وحبال ،
وغير ذلك ، وسيأتي في أبواب الوفاة النبوية

قوله - صلى الله عليه وسلم - : «أخرجوا اليهود من جزيرة العرب» .

التالي السابق


الخدمات العلمية