سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر قصة الشاة المسمومة وما وقع في ذلك من الآيات

روى الشيخان عن أنس ، والإمام أحمد ، وابن سعد ، وأبو نعيم عن ابن عباس ، والدارمي ، والبيهقي عن جابر ، والبيهقي بسند صحيح - عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، والطبراني [ ص: 134 ] عنه عن أبيه ، والبزار والحاكم ، وأبو نعيم عن أبي سعيد ، والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - والبيهقي عن ابن شهاب - رحمه الله تعالى - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما افتتح خيبر ، وقتل من قتل ، واطمأن الناس ، أهدت زينب ابنة الحارث امرأة سلام بن مشكم ، وهي ابنة أخي مرحب - لصفية امرأته شاة مصلية ، وقد سألت : أي عضو الشاة أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟

فقيل لها الذراع ، فأكثرت فيها من السم ، ثم سمت سائر الشاة ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية ومعه بشر بن البراء بن معرور - بمهملات - فقدمت إليه الشاة المصلية ، فتناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتف ، وفي لفظ : الذراع ، وانتهس منها فلاكها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتناول بشر ابن البراء عظما ، فانتهس منه .

قال ابن إسحاق ، فأما بشر فأساغها ، وأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلفظها ، وقال ابن شهاب :

فلما استرط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقمته استرط بشر بن البراء ما في فيه

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارفعوا ما في أيديكم ، فإن كتف هذه الشاة تخبرني أني نعيت فيها .


قال ابن شهاب : فقال بشر بن البراء : والذي أكرمك لقد وجدت ذلك في أكلتي التي أكلت فما منعني أن ألفظها إلا أني أعظمت أن أنغصك طعامك ، فلما سغت ما في فيك لم أكن لأرغب بنفسي عن نفسك ورجوت ألا تكون استرطتها ، وفيها نعي . فلم يقم بشر من مكانه حتى عاد لونه كالطيلسان ، وماطله وجعه حتى كان لا يتحول إلا أن حول . قال الزهري قال جابر : واحتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كاهله يومئذ ، حجمه أبو هند مولى بني بياضة بالقرن والشفرة ، وبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه .

فقال : «ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر عوادا حتى كان هذا وانقطع أبهري»


فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهيدا بلفظ ابن شهاب .

وذكر محمد بن عمر : أنه ألقى من لحم تلك الشاة لكلب فما تبعت يده رجله حتى مات .

وقال الصحابة السابق ذكرهم - رضي الله عنهم - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى اليهودية ، فقال : «أسممت هذه الشاة ؟ » فقالت : من أخبرك ؟ قال : «أخبرتني هذه التي في يدي وهي الذراع ، قالت : نعم ، قال : «ما حملك على ما صنعت ؟ » قالت : بلغت من قومي ما لم [ ص: 135 ] يخف عليك . فقلت : إن كان ملكا استرحنا منه ، وإن كان نبيا فسيخبر ، فتجاوز - وفي لفظ - فعفا عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومات بشر من أكلته التي أكل ولم يعاقبها .

وذكر محمد بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : «ما حملك على هذا ؟ » قالت :

قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي -
فأبوها الحارث وعمها يسار وأخوها رحب وزوجها سلام بن مشكم .

وعن أبي سلمة عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مات بشر بن البراء أمر باليهودية فقتلت . رواه أبو داود ، ووقع عند البزار من حديث أبي سعيد الخدري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد سؤاله للمرأة اليهودية واعترافها - بسط يده إلى الشاة

وقال لأصحابه :

«كلوا باسم الله» قال : فأكلنا وذكرنا اسم الله ، فلم يضر أحدا منا .


قال الحافظ عماد الدين بن كثير : وفيه نكارة وغرابة شديدة . قلت : وذكر محمد بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلحم الشاة فأحرق .

التالي السابق


الخدمات العلمية