سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خيبر وتوجهه إلى وادي القرى

قال أبو هريرة : نزلناها أصيلا مع مغرب الشمس ، رواه ابن إسحاق .

قال البلاذري : قالوا : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منصرفه من خيبر وادي القرى فدعا أهلها إلى الإسلام ، فامتنعوا من ذلك وقاتلوا ، ففتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوة ، وغنمه الله أموال أهلها ، وأصاب المسلمون منهم أثاثا ومتاعا ، فخمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وتركت الأرض ، والنخل في أيدي يهود ، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر .

قال محمد بن عمر : لما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خيبر ، وأتى الصهباء سلك على برمة ، حتى انتهى إلي وادي القرى ، يريد من بها من يهود ، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يحدث فيقول ، - خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر إلى وادي القرى ، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم عبدا أسود يقال له مدعم - بميم مكسورة فدال ساكنة فعين مفتوحة مهملتين ، وكان يرحل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود ، وقد ضوى إليها ناس من العرب ، فبينما مدعم يحط رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد استقبلتنا يهود بالرمي حيث نزلنا ، ولم نكن على تعبئة ، وهي يصيحون في أطامهم ،

فيقبل سهم عائر فأصاب مدعما فقتله ، فقال الناس : هنيئا له الجنة ، فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم يصبها المقسم تشتعل عليه نارا» . فلما سمع الناس بذلك جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشراك أو شراكين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «شراك من نار أو شراكان من نار»
. [ ص: 149 ]

وعبأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للقتال ، وصفهم ، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة ، وراية إلى الحباب بن المنذر ، وراية إلى سهل بن حنيف - بضم الحاء المهملة وفتح النون ، وسكون التحتية ، وراية إلى عباد - بتشديد الموحدة ، وبالدال المهملة - ابن بشر .

ثم دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم ، وحقنوا دماءهم ، وحسابهم على الله - تعالى .

فبرز رجل منهم ، فبرز له الزبير بن العوام فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز له الزبير فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز إليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقتله ، ثم برز آخر فبرز إليه أبو دجانة فقتله ، ثم برز آخر فبرز له أبو دجانة فقتله ، حتى قتل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد عشر رجلا كلما قتل رجل دعا من بقي إلى الإسلام .

ولقد كانت الصلاة تحضر يومئذ فيصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه ، ثم يعود فيدعوهم إلى الله ورسوله ، فقاتلهم حتى أمسوا ، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس حتى أعطوا بأيديهم ، وفتحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوة ، وغنمه الله - تعالى أموالهم ، وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا ، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوادي القرى أربعة أيام ، وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القرى ، وترك الأرض والنخيل بأيدي يهود ، وعاملهم عليها .

قال البلاذري : وولاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن سعيد بن العاص ، وأقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمرة - بالجيم - ابن هوذة - بفتح الهاء ، والذال المعجمة - العذري رمية بسوطه من وادي القرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية