سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر منقبة لعباد بن بشر - رضي الله عنه

روى ابن إسحاق عن جابر - رضي الله عنه - ومحمد بن عمر عن شيوخه - رحمهما الله تعالى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصاب في نخل المشركين في هذه الغزوة امرأة ، وكان زوجها غائبا ، فلما أتى أخبر الخبر ، وقفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلف زوجها لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - دما ، فخرج يتبع أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزلا ليلة ذات ريح في شعب استقبله . فقال : «من رجل يكلأنا” ؟ فقام عباد بن بشر ، وعمار بن ياسر - رضي الله عنهما - فقالا ، نحن يا رسول الله نكلؤك ،

وجعلت الريح لا تسكن ، وجلس الرجلان على فم الشعب ، فقال أحدهما لصاحبه : أي الليل أحب إليك أن أكفيك أوله ، وتكفيني آخره ؟ قال : اكفني أوله ، فنام عمار بن ياسر ، وقام عباد يصلي ، فأقبل زوج المرأة يطلب غرة ، وقد سكنت الريح ، فلما رأى سواد عباد من قريب قال : يعلم الله إن هذا ربيئة القوم ، ففوق سهما فوضعه فيه ، فانتزعه عباد ، فرماه بآخر فوضعه فيه ، فانتزعه ، فرماه بآخر فانتزعه ، فلما غلبه الدم ركع وسجد ، ثم قال لصاحبه : اجلس فقد أتيت ، فجلس عمار ، فلما رأى الأعرابي عمارا قد قام علم أنه قد تذرا به ، فهرب ، فقال عمار : أي أخي ، ما منعك أن . [ ص: 180 ]

توقظني في أول سهم رمي به ؟ قال : كنت في سورة أقرأها وهي سورة الكهف ، فكرهت أن أقطعها حتى أفرغ منها ، ولولا أني خشيت أن أضيع ثغرا أمرني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما انصرفت ، ولو أتي على نفسي .


ويقال إن المرمي عمار ، قال محمد بن عمر : وأثبتها عندنا عباد بن بشر - رضي الله عنه .

وروى ابن إسحاق عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم صرارا نزل به ، وأمر بذبح جزور ، وأقام عليها والمسلمون يومهم ذلك ، فلما أمسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المدينة ودخلنا معه .

التالي السابق


الخدمات العلمية