سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر طواف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيا وما جاء أنه طاف راكبا

روى الإمام أحمد ، والشيخان ، وابن إسحاق عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال : «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مكة ، وقد وهنتهم حمى يثرب ، فقال المشركون : إنه يقدم غدا قوم قد وهنتهم الحمى ، ولقوا فيها شدة ، فجلسوا على قعيقعان مما يلي الحجر ، فأطلع الله تعالى نبيه على ما قالوا ، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده الأيمن ، ثم قال : «رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة” . وفي رواية : «أراهم ما يكرهون” .

وأمرهم أن يرملوا ثلاثة أشواط ، ويمشوا بين الركنين ، ليرى المشركون جلدهم ، ثم استلم الركن ، وخرج يهرول وأصحابه معه ، حتى إذا واراه البيت منهم ، واستلم الركن اليماني مشى حتى استلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أشواط ومشى سائرها .
قال ابن عباس : ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها للإبقاء عليهم ، فقال المشركون : «هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم ؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا ، ما يرضون بالمشي ، أما إنهم لينقزون نقز الظبي” وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكايدهم كلما استطاع .

قال محمد بن عمر ، وابن سعد وغيرهم : ولم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى استلم الركن بمحجنه .

وروى الحميدي والبخاري ، والإسماعيلي عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال : لما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سترناه من غلمان المشركين ، وفي رواية من السفهاء والصبيان مخافة أن يؤذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى يونس بن بكير - رحمه الله تعالى - عن زيد بن أسلم - رحمهما الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام القضية مكة ، فطاف على [ ص: 193 ] ناقته ، واستلم الركن بمحجنه . قال هشام ، وابن سعد : من غير - علة - والمسلمون يشتدون حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن رواحة يقول الرجز السابق : وذكر محمد بن عمر ، وابن سعد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبا ، وتبعهما القطب في المورد .

التالي السابق


الخدمات العلمية