ذكر 
إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأن أبا سفيان  سيقدم ليجدد العهد فكان كما أخبر 
روى 
محمد بن عمر  عن 
حزام بن هشام  عن أبيه - رحمهما الله - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال : 
«لكأنكم بأبي سفيان قد جاء يقول : جدد العهد وزد في الهدنة ، وهو راجع بسخطه”  . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق  عن 
نعيم مولى ابن عباس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة  عن 
عكرمة ،  ومحمد بن عمر  عن شيوخه ، واللفظ له : 
أن الحارث بن هشام ،  وعبد الله بن أبي ربيعة  مشيا إلى  nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان بن حرب ،  فقالا : هذا أمر لا بد له من أن يصلح ، والله لئن لم يصلح هذا الأمر لا يروعكم إلا محمد  في أصحابه ، فقال أبو سفيان :  قد رأت هند بنت عتبة  رؤيا كرهتها وأفظعتها . 
وخفت من شرها ، قالوا : وما هي ؟ قال : رأت دما أقبل من الحجون يسيل حتى وقف بالخندمة  مليا ، ثم كأن ذلك الدم لم يكن ، فكره القوم الرؤيا . 
وقال أبو سفيان  لما رأى ما رأى من الشر : هذا والله أمر لم أشهده ، ولم أغب عنه ، لا يحمل هذا إلا  nindex.php?page=showalam&ids=8علي  ، ولا والله ما شوورت فيه ، ولا هويته حين بلغني ، والله ليغزونا محمد  إن صدقني ظني ، وهو صادقي ، وما بد من أن آتي محمدا  فأكلمه أن يزيد في الهدنة ويجدد العهد . فقالت قريش :  قد والله أصبت ، وندمت قريش  على ما صنعت من عون بني بكر  على خزاعة ،  وتحرجوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يدعهم حتى يغزوهم . فخرج أبو سفيان ،  وخرج معه مولى له على راحلتين ، فأسرع السير وهو يرى أنه أول من خرج من مكة  إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقي بديل بن ورقاء  بعسفان ،  فأشفق أبو سفيان  أن يكون بديل  جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل كان اليقين عنده ، فقال للقوم : أخبرونا عن يثرب متى عهدكم بها ؟ قالوا : لا علم لنا بها ، فعلم أنهم كتموه ، فقال : أما معكم من تمر يثرب شيء تطعموناه ، فإن لتمر يثرب فضلا على تمور تهامة .  [ ص: 206 ] 
قالوا : لا . فأبت نفسه أن تقره حتى قال : يا بديل :  هل جئت محمدا  ؟ قال : لا ما فعلت ، ولكن سرت في بلاد بني كعب  وخزاعة  من هذا الساحل في قتيل كان بينهم فأصلحت بينهم . فقال أبو سفيان :  إنك - والله - ما علمت بر وأصل ، ثم قايلهم أبو سفيان  حتى راح بديل  وأصحابه ، فجاء أبو سفيان  منزلهم ففت أبعار أباعرهم فوجد فيها نوى من تمر عجوة كأنها ألسنة الطير ، فقال أبو سفيان : أحلف بالله لقد جاء القوم محمدا   . 
وكان القوم لما كانت الوقعة خرجوا من صبح ذلك اليوم فساروا ثلاثا ، وخرجوا من ذلك اليوم فساروا إلى حيث لقيهم أبو سفيان  ثلاثا ، وكانت بنو بكر  قد حبست خزاعة  في داري بديل  ورافع  ثلاثة أيام يكلمون فيهم ، وائتمرت قريش  في أن يخرج أبو سفيان ،  فأقام يومين . فهذه خمس بعد مقتل خزاعة ،  وأقبل أبو سفيان  حتى دخل المدينة ،  فدخل على ابنته  nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة  زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطوته دونه . فقال : يا بنية!! أرغبت بهذا الفراش عني أو بي عنه ؟ قالت : بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت امرؤ مشرك نجس ، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا بنية لقد أصابك بعدي شر ، فقالت : بل هداني الله للإسلام . وأنت يا أبت سيد قريش  وكبيرها ، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام ، وأنت تعبد حجرا لا يسمع ولا يبصر ؟ فقام من عندها ، 
فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد ، فقال : يا محمد!!  إني كنت غائبا في صلح الحديبية فاشدد العهد ، وزدنا في المدة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فلذلك جئت يا أبا سفيان  ؟ ” قال : نعم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «هل كان من قبلكم من حدث ؟ ” قال معاذ الله نحن على عهدنا وصلحنا يوم الحديبية لا نغير ولا نبدل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «فنحن على مدتنا وصلحنا يوم الحديبية لا نغير ولا نبدل” فأعاد أبو سفيان  على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القول ، فلم يرد عليه شيئا . 
فذهب إلى  nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر   - رضي الله عنه - فكلمه وقال : تكلم محمدا  أو تجير أنت بين الناس ، فقال  nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر   : جواري في جوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاد ابن عقبة :  والله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم . 
فأتى  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  بن الخطاب - رضي الله عنه - فكلمه بمثل ما كلم به  nindex.php?page=showalam&ids=16867أبا بكر  ، فقال : أنا أشفع لكم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم!! فو الله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ، ما كان من حلفنا جديدا فأخلقه الله ، وما كان منه متينا فقطعه الله ، وما كان منه مقطوعا فلا وصله الله . فقال أبو سفيان  جوزيت من ذي رحم شرا .  [ ص: 207 ] 
فأتى  nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان   - رضي الله عنه - فقال إنه ليس في القوم أحد أقرب رحما منك ، فزد في المدة ، وجدد العهد ، فإن صاحبك لا يرده عليك أبدا ، فقال  nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان :  جواري في جوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم . 
فأتى  nindex.php?page=showalam&ids=8عليا   - رضي الله تعالى عنه - فقال : يا  nindex.php?page=showalam&ids=8علي  إنك أمس القوم بي رحما ، وإني جئت في حاجة فلا أرجع كما جئت خائبا ، فاشفع لي إلى محمد .  فقال : ويحك يا أبا سفيان   ! والله لقد عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه ، فأتى  nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة   - رضي الله تعالى عنه - فقال : يا أبا ثابت  أنت سيد هذه البحيرة فأجر بين الناس ، وزد في المدة ، فقال سعد   : جواري في جوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يجير أحد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى أشراف قريش  والأنصار فكلهم يقول جواري في جوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجير أحد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أيس مما عندهم ، دخل على فاطمة الزهراء   - رضي الله عنها - والحسن  غلام يدب بين يديها فقال : يا بنت محمد ، هل لك أن تجيري بين الناس ؟ فقالت : إنما أنا امرأة ، وأبت عليه ، فقال : مري ابنك هذا - أي  nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بن علي   - رضي الله عنهما - فيجير بين الناس ، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر . قالت : والله ما بلغ ابني ذلك أن يجير بين الناس ، وما يجير أحد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم . فقال  nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي :  يا أبا الحسن   !! إن أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني ، قال : والله ما أعلم شيئا يغني عنك شيئا ، ولكنك سيد بني كنانة وقال : صدقت ، وأنا كذلك . قال : فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك ، قال : أوترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال : لا والله ، ولكن لا أجد لك غير ذلك ، فقام أبو سفيان  في المسجد ، فقال : أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد ، 
ثم دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد  إني قد أجرت بين الناس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة!!” ثم ركب بعيره وانطلق . 
وكان قد احتبس وطالت غيبته ، وكانت قريش  قد اتهمته حين أبطأ أشد التهمة ، قالوا : 
والله إنا نراه قد صبأ ، واتبع محمدا  سرا وكتم إسلامه . 
فلما دخل على هند امرأته ليلا ، قالت : لقد احتبست حتى اتهمك قومك ، فإن كنت مع الإقامة جئتهم بنجح فأنت الرجل ، ثم دنا منها فجلس مجلس الرجل من امرأته . فقالت ما صنعت ؟ فأخبرها الخبر ، وقال : لم أجد إلا ما قال لي  nindex.php?page=showalam&ids=8علي  ، فضربت برجلها في صدره وقالت : 
قبحت من رسول قوم ، فما جئت بخير . 
فلما أصبح أبو سفيان  حلق رأسه عند إساف ونائلة ، وذبح لهما ، وجعل يمسح بالدم .  [ ص: 208 ] 
رؤوسهما ويقول : لا أفارق عبادتكما حتى أموت على ما مات عليه أبي ، إبراء لقريش  مما اتهموه به ، فلما رأته قريش ،  قاموا إليه فقالوا : ما وراءك ؟ هل جئت بكتاب من محمد أو زيادة في مدة ما نأمن به أن يغزونا محمد ؟  فقال : والله لقد أبى علي ، وفي لفظ : لقد كلمته ، فو الله ما رد علي شيئا ، وكلمت  nindex.php?page=showalam&ids=16867أبا بكر  فلم أجد فيه خيرا ، ثم جئت  nindex.php?page=showalam&ids=2ابن الخطاب   - رضي الله عنه - فوجدته أدنى العدو ، وقد كلمت علية أصحابه ، فما قدرت على شيء منهم إلا أنهم يرمونني بكلمة واحدة ، وما رأيت قوما أطوع لملك عليهم منهم له ، إلا أن  nindex.php?page=showalam&ids=8عليا  لما ضاقت بي الأمور قال : أنت سيد بني كنانة ، فأجر بين الناس ، فناديت بالجوار ، فقال محمد  «أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة!!”  لم يزدني قالوا : رضيت بغير رضى ، وجئت بما لا يغني عنا ولا عنك شيئا ، ولعمر الله ما جوارك بجائز ، وإن إخفارك عليهم لهين ، ما زاد على من أن لعب بك تلعبا . قال : والله ما وجدت غير ذلك .