سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله يوم الفتح ، ولا يدخل فيما عقد من الأمان

وهم : عبد العزى بن خطل - بفتح الخاء المعجمة ، والطاء المهملة ، وآخره لام وكان قد أسلم ، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله وهاجر إلى المدينة ، وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 224 ] ساعيا ، وبعث معه رجلا من خزاعة ، وكان يصنع له طعامه ويخدمه فنزلا في مجمع - والمجمع حيث تجتمع الأعراب يؤدون فيه الصدقة - فأمره أن يصنع له طعاما ، ونام نصف النهار ، واستيقظ ، والخزاعي نائم ، ولم يصنع له شيئا ، فعدى عليه فضربه فقتله ، وارتد عن الإسلام ، وهرب إلى مكة ، وكان يقول الشعر يهجو به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان له قينتان ، وكانتا فاسقتين ، فيأمرهما ابن خطل أن يغنيا بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

وعن أنس قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح على رأسه المغفر ، فلما نزعه جاء رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «اقتلوه” رواه الإمام مالك والشيخان .

قال محمد بن عمر : لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي طوى ، أقبل ابن خطل من أعلى مكة مدججا في الحديد على فرس وبيده قناة ، فمر ببنات سعيد بن العاص فقال لهن : أما والله لا يدخلها محمد حتى ترين ضربا كأفواه المزاد ،

ثم خرج حتى انتهى إلى الخندمة ، فرأى خيل الله ، ورأى القتال فدخله رعب ، حتى ما يستمسك من الرعدة ، فرجع حتى انتهى إلى الكعبة ، فنزل عن فرسه ، وطرح سلاحه وأتى البيت فدخل تحت أستاره ، فأخذ رجل من بني كعب سلاحه وأدرك فرسه عائرا فاستوى عليه ، ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم بالحجون .

وعبد الله بن سعد بن أبي سرح - بفتح السين ، وإسكان الراء ، وبالحاء المهملات - كان أسلم ، ثم ارتد ، فشفع فيه عثمان يوم الفتح ، فحقن دمه ، وأسلم بعد ذلك فقبل إسلامه ، وحسن إسلامه بعد ذلك ، وولاه عمر بعض أعماله ، ثم ولاه عثمان ، ومات وهو ساجد في صلاة الصبح ، أو بعد انقضائها ، وكان أحد النجباء الكرماء العقلاء من قريش ، وكان فارس بني عامر بن لؤي المقدم فيهم ، وسيأتي خبره مبسوطا في أبواب كتابه - صلى الله عليه وسلم .

وعكرمة بن أبي جهل ، أسلم فقبل إسلامه .

والحويرث - بالتصغير - بن نقيدر بضم النون ، وفتح القاف ، وسكون التحتية ، فدال مهملة ، فراء مهملة ، كان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونخس بزينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجرت إلى المدينة ، فأهدر دمه . فبينما هو في منزله قد أغلق عليه بابه ، فسأل عنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقيل هو بالبادية ، فأخبر الحويرث أنه يطلب ، فتنحى علي عن بابه ، فخرج الحويرث يريد أن يهرب من بيت إلى آخر ، فتلقاه علي ، فضرب عنقه . [ ص: 225 ]

قال ابن هشام : وكان العباس بن عبد المطلب حمل فاطمة ، وأم كلثوم بنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة يريد بهما المدينة ، فنخس بهما الحويرث فرمى بهما الأرض .

قال البلاذري - رحمه الله تعالى - وكان يعظم القول في رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وينشد الهجاء فيه ، ويكثر أذاه وهو بمكة .

ومقيس . بميم ، فقاف ، فسين مهملة - بن صبابة ، بصاد مهملة ، وموحدتين ، الأولى خفيفة - ، كان أسلم ، ثم أتى على رجل من الأنصار فقتله ، وكان الأنصاري قتل أخاه هشاما خطأ في غزوة ذي قرد ، ظنه من العدو ، فجاء مقيس ، فأخذ الدية ، ثم قتل الأنصاري ، ثم ارتد ، فقتله نميلة - تصغير نملة - بن عبد الله يوم الفتح .

وهبار - بفتح الهاء ، وتشديد الموحدة بن الأسود ، أسلم ، وكان قبل ذلك شديد الأذى للمسلمين ، وعرض لزينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجرت فنخس بها ، فأسقطت ، ولم يزل ذلك المرض بها حتى ماتت ، فلما كان يوم الفتح ، وبلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدر دمه ، فأعلن بالإسلام ، فقبله منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعفا عنه .

والحويرث بن الطلاطل الخزاعي ، قتله علي - رضي الله عنه - ذكره أبو معشر .

وكعب بن زهير ، وجاء بعد ذلك فأسلم ، ومدح . ذكره الحاكم .

ووحشي بن حرب ، وتقدم شأنه في غزوة أحد ، فهرب إلى الطائف ، فلما أسلم أهلها جاء فأسلم .

وسارة مولاة عمرو بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف ، وكانت مغنية نواحة بمكة ، وكانت قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الفتح ، وطلبت منه الصلة وشكت الحاجة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم «ما كان في غنائك ما يغنيك ؟ ” فقالت : إن قريشا منذ قتل من قتل منهم ببدر تركوا الغناء ، فوصلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوقر لها بعيرا طعاما ، فرجعت إلى قريش .

وكان ابن خطل يلقي عليها هجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتغني به . وهي التي وجد معها كتاب حاطب ابن أبي بلتعة ، فأسلمت وعاشت إلى خلافة عمر بن الخطاب وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان بن حرب ، وهي التي شقت عن كبد حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت ، فعفا عنها .

وأرنب مولاة ابن خطل ، وقينتان لابن خطل ، كانتا تغنيان بهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسم إحداهما فرتنى - بفتح الفاء ، وسكون الراء وفتح الفوقية ، فنون ، فألف تأنيث مقصورة ، والأخرى قريبة - ضد بعيدة ، ويقال : هي أرنب السابقة ، فاستؤمن لإحداهما فأسلمت ، وقتلت الأخرى . [ ص: 226 ]

وذكر عن ابن إسحاق أن فرتنى هي التي أسلمت ، وأن قريبة قتلت .

وأم سعد قتلت فيما ذكره ابن إسحاق ، ويحتمل كما قال الحافظ - رحمه الله - تعالى - أن تكون أرنب ، وأم سعد القينتان . واختلف في اسمهما باعتبار الكنية واللقب .

التالي السابق


الخدمات العلمية