سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر طلبه - صلى الله عليه وسلم - المفتاح من عثمان بن طلحة رضي الله عنه

روى محمد بن عمر عن عبد الله بن عمر ، وابن أبي شيبة عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - ومحمد بن عمر عن علقمة بن أبي وقاص الليثي - رحمه الله تعالى - ومحمد بن عمر عن شيوخه يزيد بعضهم على بعض ، قال عبد الله : كان عثمان قد قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة مسلما مع خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص قبل الفتح ، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 237 ] من طوافه أرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة يأتيه بمفتاح الكعبة ، فجاء بلال إلى

عثمان ، فقال :

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تأتي بالمفتاح ، فقال : نعم هو عند أمي سلافة ، فرجع بلال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه قال نعم ، وأن المفتاح عند أمه ، فبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولا فجاء ، فقالت : لا ، واللات والعزى ، لا أدفعه إليك أبدا ، فقال عثمان يا رسول الله أرسلني أخلصه لك منها ، فأرسله ، فقال : يا أمه ادفعي إلي المفتاح ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل إلي ، وأمرني أن آتيه به ، فقالت أمه : لا . واللات والعزى لا أدفعه إليك أبدا فقال : لا لات ولا عزى إنه قد جاء أمر غير ما كنا عليه ، وإنك إن لم تفعلي قتلت أنا وأخي فأنت قتلتنا ، فو الله لتدفعنه أو ليأتين غيري فيأخذه منك ، فأدخلته في حجزتها ، وقالت : أي رجل يدخل يده ههنا ؟
.

قال الزهري فيما رواه عبد الرزاق ، والطبراني : فأبطأ عثمان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم ينتظره حتى إنه لينحدر منه مثل الجمان من العرق ، ويقول : «ما يحبسه فيسعى إليه رجل” انتهى . فبينما هما على ذلك وهو يكلمها إذ سمعت صوت أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - في الدار ، وعمر رافع صوته حين أبطأ عثمان يا عثمان اخرج ، فقالت أمه : يا بني خذ المفتاح ، فإن تأخذه أنت أحب إلي من أن يأخذه تيم وعدي ، فأخذه عثمان ، فخرج يمشي به حتى إذا كان قريبا من وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثر عثمان فسقط منه المفتاح ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي المفتاح فحنى عليه بثوبه . وروى الفاكهي عن ابن عمر : إن بني أبي طلحة كانوا يقولون : لا يفتح الكعبة إلا هم ، فتناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفتاح ، ففتح الكعبة بيده .

وروى ابن أبي شيبة بسند جيد عن أبي السفر - رحمه الله تعالى - قال : لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة دعا شيبة بن عثمان بالمفتاح - مفتاح الكعبة - فتلكأ ، فقال لعمر : قم فاذهب معه فإن جاء به وإلا فأجلد رأسه” فجاء به فأجاله في حجره .

التالي السابق


الخدمات العلمية