سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر مبايعته - صلى الله عليه وسلم - الناس على الإسلام

روى الإمام أحمد ، والبيهقي عن الأسود بن خلف - رضي الله تعالى عنه - أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع الناس يوم الفتح . قال : جلس عند قرن مسفلة ، فبايع الناس على الإسلام فجاءه الكبار والصغار ، والرجال والنساء ، فبايعهم على الإيمان بالله - تعالى - وشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله .

وقال الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير - رحمه الله تعالى - : اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ، فجلس لهم - فيما بلغني - على الصفا ، وعمر بن الخطاب أسفل من مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا ، فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة ، امرأة أبي سفيان متنقبة متنكرة خوفا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرها بما كان من صنيعها بحمزة ، فهي تخاف أن يأخذها بحدثها ذلك ، فلما دنين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «بايعنني على ألا تشركن بالله [ ص: 248 ] شيئا” فرفعت هند رأسها وقالت : والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه على الرجال فقال : «ولا تسرقن” فقالت : والله إني كنت أصبت من مال أبي سفيان الهنة بعد الهنة ، وما كنت أدري أكان ذلك حلالا أم لا ؟ فقال أبو سفيان : - وكان شاهدا لما تقول - أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل - عفا الله عنك - ثم قال : «ولا تزنين” فقالت : يا رسول الله : أو تزني الحرة ؟ ! ثم قال : «ولا تقتلن أولادكن” قالت : قد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا ، فأنت وهم أعلم ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر ، ثم قال : «ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن” فقالت : والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل ، ثم قال : «ولا تعصين” فقالت : في معروف فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لعمر : «بايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم” فبايعهن عمر ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم . لا يصافح النساء ولا يمس جلد امرأة لم يحلها الله - تعالى - له أو ذات محرم وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت لا والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط وفي رواية ما كان يبايعهن إلا كلاما ويقول إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية